ثالثًا: منهج القرآن في إثبات التوحيد منهج فطري
يعرض القرآن الكريم قضية التوحيد ويدعو الناس لتوحيد الله ونبذ الشركاء والأنداد ويقيم الحجج والبراهين على وحدانية الله تعالى، يسلك في كل ذلك المنهج الفطري من خلال المشاهدات المحسوسة البسيطة التي يتعامل معها الناس جميعًا على مختلف مستوياتهم العقلية وتباين مشاربهم الفكرية.
إن الكون المادي مكون من عناصر مادية بسيطة ومن هذه العناصر البسيطة تتولد أعقد الأشكال وأضخمها ابتداء من الذرة إلى مسارات الكواكب والأفلاك والمجرات.
وكذلك أمر العقيدة فمن المشاهدات الأولية البسيطة في حياة الناس يكون التوصل إلى الإيمان بخالق الكون ومدبره قيوم السماوات والأرض.
إن مخاطبة الناس بما يدركون، والاستدلال على القضايا بما يحسون وضرب الأمثال بما يفقهون، والاستدلال من خلالها على ما يعقلون، هو الأسلوب الفطري المؤثر الفعال في إيجاد القناعات لديهم وهي الطريقة المثلى لتحريك كوامن الفطرة السليمة واستجاشتها عندهم. إن الأعرابي عندما استدل على قضية عقلية "لا بد لكل حادث من محدث" توصل إلى هذه النتيجة من خلال مشاهداته المحسوسة: البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدل على السمع البصير؟؟ بلى. إنها الطريقة الفطرية في المحاجة والاستدلال فعندما يفتح العاقل عينيه يستفسر عن مشاهداته لما حوله من أوجد هذا؟ ولماذا كان على هذه الهيئة دون غيرها؟ وكيف يعمل هذا؟ وما مصير هذا؟ إن الأسئلة بسيطة، وفي نفس الوقت هي صعبة؟!