ولكن لم يصلنا شيء عن تفاسيرهم سوى تفسير مجاهد، وتفسير عبد الرزاق الصنعاني، وتفسير ابن ماجه، وتفسير ابن جرير الطبري.
وكان إلى هذا العهد يجمع التفسير على أنه باب من أبواب الحديث، يدون فيه ما روي عن رسول الله ﷺ أو كبار الصحابة مما يتعلق بتفسير آية أو آيات.
ولم يبحث عن تفسير كل آية من آيات القرآن الكريم، وإنما يذكر فيه ما ثبت بطريق السند نسبته إلى رسول الله ﷺ أو أحد الصحابة.
ولم نجد تفسيرًا مستقلًا للقرآن الكريم تتبع القرآن سورة سورة أو آية آية قبل بداية القرن الثالث الهجري، على الرغم من أن الروايات تذكر أن مجاهدًا المتوفى سنة ١٠٤هـ سأل ابن عباس ومعه ألواحه، فكتب تفسير القرآن كاملًا، إلا أن التفسير المطبوع لا يختلف عن التفاسير المأثورة لآيات متفرقة. كما قيل إن سعيد بن جرير المتوفى سنة ٩٤هـ كتب تفسيرًا كاملًا للقرآن الكريم. كما يقال إن عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة كتب تفسيرًا للقرآن عن الحسن البصري المتوفى سنة ١١٦هـ. إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بصحة هذه الروايات لأن هذه التفاسير لم يصلنا منها إلا القليل، ووصلت أجزاء من بعضها.
ولعل أقدم تفسير كامل لآيات القرآن الكريم، وصلنا وتحت أيدينا، وهو تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠هـ.
ثم توالت المؤلفات في التفسير وتشعبت ألوانها حسب اتجاهات أصحابها والفنون التي أجادوا فيها، إلا أن الذي يهمنا هنا:
هل كان بين تلك المؤلفات ما نطلق عليه اليوم اسم التفسير الموضوعي؟
وقيل البدء باستعراض تلك المؤلفات لنتعرف على المراد من مصطلح "التفسير الموضوعي".