روى ابن حبان والحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة: أنا وعبد الله بن مسعود وأربعة.
وجاء في رواية ابن مسعود تحديد الأربعة وهم: خباب بن الأرت وصهيب وبلال وعمار، قالوا لرسول الله ﷺ -أي كبار قريش-: اطردهم فإنا نستحيي أن نكون تبعًا لك كهؤلاء، فوقع في نفس النبي ﷺ ما شاء الله، فأنزل الله ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ ١.
وأورد السيوطي في "لباب النقول" قال: اخرج ابن مردويه من طريق جرير عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ قال: نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وذلك أنه دعا النبي ﷺ إلى أمر كرهه من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة فنزلت -أي قوله تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.
هذه الروايات وغيرها تفيد أن سورة الكهف سورة مكية بجملتها، من غير استثناء آيات منها. كما أن الرواية الصحيحة التي تقدم ذكرها، وقد ذكر فيها عبد الله بن مسعود سورة الكهف وِأنها من العتاق الأول ومن تلاده -أي قديم ما نزل.
وكذلك ما نورده من روايات سبب النزول يدل على مكية السورة:
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، فقالوا لهم: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقول، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم؟ فإنه كان لهم