الله أعظم فرية، فعليهم أن يتوقعوا البأس الشديد في عقوبتهم بحيث تكافئ ضخامة الكلمة الكاذبة التي تفوهوا بها.
الحقيقة الخامسة:
العلم المبني على تعاليم الوحي يوصل إلى القيم الثابتة، وينهج المنهج الذي يوصله إلى النتائج الصحيحة المبينة على العقل.
والجهل يؤدي إلى التمسك بالمألوفات والعادات الموروثة والتشبث بالتقاليد ولو خالفت المنهج السليم في التفكير والاستدلال، بل يحمل الجهل صاحبه إلى قبول مفتريات لا أصل لها على الإطلاق.
كما قبل هؤلاء الجاهلون نسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا١ ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.
الذين اتخذوا مع الله شركاء وجعلوا له ولدًا فئة من اليهود والنصارى حيث قالوا ذلك كما أخبر عنهم القرآن الكريم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ

١ من الأمور اللافتة للنظر التعظيم من شأن هذه الفرية -نسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى أو اتخاذ الشريك معه- في السور الثلاث المتتابعة: ففي الإسراء قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١]، وفي سورة الكهف في أولها قوله تعالى: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.
وفي آخر السورة: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
وفي سورة مريم قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٨٨-٩٣].


الصفحة التالية
Icon