أو تفسير الماوردي أو تفسير السيوطي، يجد الأمثلة التي لا تحصى على تعدد الأقوال في الآية الواحدة.
وقد أشكل على بعض من لاحظ له في القرآن، كيفية وفاء النصوص من الكتاب والسنة بحاجات البشر المتجددة، وقالوا: إن النصوص محصورة ودولاب الحياة لا يتوقف والأحداث تتجدد، والأفكار والمبادئ تطرح على الساحة في كل جيل مما لا عهد للأجيال السابقة بها، وهناك نظريات اجتماعية وثقافية واقتصادية ومشكلات لم يكن لها وجود في عصر التنزيل، فكيف يستنبط من النصوص أحكامها، وتعرف الهدايات الربانية بشأنها؟!
من هنا كانت أهمية التفسير الموضوعي، الذي يهتم بالهدايات القرآنية ويحاول الكشف عنها من خلال السياق والسباق للآيات الكريمة، ومن خلال تتبع الكلمة واستعمالاتها، ومن خلال التعرف على المناسبات والروابط بين السور والآيات، وبين بدايات الآيات وفواصلها وافتتاحيات السور وخواتيمها.
ولعل لثقافة المفسر الخاصة والعامة، واهتماماته الشخصية، وصفاء قريحته، وشفافية نفسه، وسلامة ذوقه اللغوي دخلًا في دقة الاستنباط والتعرف على ما تشير إليه الآيات تصريحًا أو تلميحًا.
وعلى ضوء ما تقدم نقول إن أساليب البحث في التفسير قد تتنوع حسب معطيات العصر، ومسار البحث قد يختلف عن السابق حسب الزاوية التي يحددها المفسر ويدخل منها إلى ظلال النصوص الوارفة، وبالتالي قد يظفر ببعض الثمار التي لم يسبق إليها.
فقد يتعرف في الروابط بين الآيات الكريمة على دقائق في المعرفة، وقد يطلع عند تتبع بعض العبارات وعلى وشائج تكون مادة لإقامة صرح عتيد من سنن الله في المخلوقات، وقد يتنسم من خلال الأجواء العبقة لهدايات أي الذكر الحكيم روائح نظام متكامل تقوم عليه علائق المجتمع الآمن المطمئن الرغيد.


الصفحة التالية
Icon