أن يكون من أهدافها الأساسية هذه الأسس الأربعة مجتمعة أو متفرقة. والسور المدنية بالإضافة إلى تقرير ما سبق استهدفت بناء المجتمع الإسلامي على أسس من الإيمان والطاعة والتشريعات التفضيلية في شئون الحياة كما استهدفت حماية المجتمع الإسلامي من الأخطار الداخلية والخارجية، بكشف خطط المتآمرين الحاقدين الساعين في الأرض بالفساد من اليهود والمنافقين، فلا تخلو سورة مدنية من قضية البناء، أو الصيانة والحماية، فيمكن التعرف على الهدف الأساسي أيضًا من خلال التعرف على القضايا المعروضة في السورة، ومن خلال المرحلة الزمنية لتطور المجتمع الإسلامي أيضًا.
ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن بعض السور يمكن أن نجد لها عدة محاور تدور حولها من غير تناقض ولا تعارض ولا تصادم. ويمكن تحديد كل محور والتعرف على دائرته من خلال زاوية الرصد التي نرصدها.
تمامًا كما نتعرف على مسارات وأفلاك لبعض الكواكب وقد تتداخل أحيانًا من غير وقوع تصادم بينها، ويمكن تحديد مساراتها حسب زاوية الرصد وحسب نقطة الارتكاز التي نحددها لمعرفة مسارات هذه الكواكب.
فسورة الكهف مثلًا يمكن تحديد عدة محاور أو أهداف لها. فمثلًا:
عندما ندرك أنها سورة مكية نزرت في مرحلة متقدمة من مراحل الدعوة إلى الله. فقد ورد في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: في بني إسرائيل -أي الإسراء- والكهف ومريم: "إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي"١.
وكما قلنا: إن السورة المكية جاءت لترسيخ أسس أربعة فيمكن رصد آيات السورة ومقاطعها من زاوية أي أساس من هذه الأسس.
فلو أخذنا قضية الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، ونظرنا إلى افتتاحية السورة وإلى قصصها الأربع وإلى خاتمتها لوجدنا أن قضية التوحيد لافتة للنظر فيها

١ صحيح البخاري، كتاب التفسير: ٥/ ٢٢٣.


الصفحة التالية
Icon