وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: ٩٠] " ١. فهذا يدل على أن تعيين أماكن الآيات في السورة يكون بأمر من جبريل من رب العزة سبحانه وتعالى.
د- روى مسلم عن عمر قال: ما سألت النبي ﷺ عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبعه في صدري وقال: "تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء" ٢، فلو لم تكن الآيات مرتبة في السورة لم يعرف أولها من آخرها.
وكذلك ما رواه مسلم عن أبي الدرداء مرفوعًا: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال" ٣.
وفي لفظ عنده: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف... ".
هـ- وكذلك ما ثبت في الصحاح أنه كان يقرأ في أوقات معينة بسورة معينة.
كل ذلك يدل على أن ترتيب الآيات في السور كان معلومًا للصحابة رضوان الله عليهم وكان الرسول ﷺ يقرئهم بهذا الترتيب، وإلا لما استطاع أن يشير لهم إلى مضمون سورة باسمها ولا تحدد آيات بعينها بالإشارة إلى أرقامها أو مكانها.
والأصل في الآيات ضمن السورة أن تكون بينها وجه مناسبة؛ لأنها في الغالب "وبخاصة في السور القصيرة" تعرض موضوعًا معينًا، فالأصل أن يكون السياق موحدًا. ولا ينتقل من موضع إلى آخر، أو لا يبحث موضوع جديد بعد الموضوع الأول إلا وهناك وجه مناسب ورابط بين الموضوعين. ومعرفة فترات زمنية متباعدة، أو تكون الموضوعات متباينة في نظر القارئ أو في حال ظهور جملة وكأنها مستقلة عما قبلها وما بعدها، عند ذلك يأتي دور الغواصين على المعاني لمعرفة الرابط والمناسبة بين الآيات.
٢ صحيح مسلم، كتاب الفرائض: ٥/ ٦١.
٣ صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين: ٢/ ١٩٩.