إن الأصل في النفس الإنسانية الفطرة التي فطر الله الناس عليها فالميل إلى الحق والأخذ به، والتوجه إلى الخالق بالخضوع والطاعة هي الأصل وهي الفطرة، إلا أن البيئة والمجتمع ابتداء بالمجتمع الضيق الأسرة، وانتهاء بالتيارات الاجتماعية في المجتمع الواسع هي التي تحدد مسار هذه الفطرة في السنوات الأولى من حياة الطفل.
وإلى هذا يشير الرسول صلى الله عليه وسلم: "وكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه، هل تنتج البهيمة إلا بهيمة جمعاء هل تحس منها من جدعاء" ١ رواه الشيخان من حديث أبي هريرة
والمنهج القرآني في تقرير عقيدة الألوهية يعتمد الفطرة الإنسانية السليمة نقطة انطلاق في البحث والتقرير وأسلوب العرض وإقرار النتائج.
وفي الصفحات التالية نتعرف على أبرز السمات في المنهج القرآني في تقرير عقيدة الألوهية.
البشرية خلقت مهتدية مؤمنة:
يبين القرآن الكريم أن الإنسان الذي كرمه من بين مخلوقاته "خَلْقًا وخُلُقًا واستعدادًا وطاقات" وحملة الأمانة التي عجزت عنها السماوات والأرض والجبال، لم يكن خلقه عبثًا ولم يكن ليتركه سدى، بل خلقه لاستخلافه في الأرض وعبادته فهيا. ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠].
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذرايات: ٥٦-٥٨].
ولم ينزل أبو البشر إلى الأرض إلا والهدايات مرافقة له، قد حددت له المهمة