الرسل يرسلون لتبليغ دعوة الحق إلى من بأيديهم زمام الحكم والسلطة، وكان الصراع بين أتباع الحق -من الأنبياء وأتباعهم- وبين الطواغيت أهل الأهواء والمترفين من أهل الشهوات ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٦].
ومن يقرأ قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في القرآن الكريم يجد أن الرسالات السماوية برزت بين المجتمعات الراقية المتحضرة، وقصدت من بيدهم دفة القيادة والسيادة.
ففي قصة نوح عليه السلام نجد التبليغ والصراع بينه وبين الملأ من قومه وكلمة الملأ في اللغة تدل على القوم الذين يملئون العين بوفرة عددهم وقوتهم وغناهم. وأحداث قصة إبراهيم عليه السلام جرت مع نمروذ الذي قيل إنه أحد الكافرين اللذين حكما العالم القديم تارة ومع ملك مصر تارة أخرى.
- ومثل ذلك في قصة موسى عليه السلام مع فرعون ومثله.
- وقصة عيسى وزكريا ويحيى عليهم السلام مع السلطة الرومانية من جهة، ومع أهل النفوذ والمكر والحيلة من اليهود من جهة أخرى.
ويحدد القرآن الكريم عاقبة المكذبين في أحد الأمور التالية:
١- إنزال العذاب المستأصل عندما يكذبون بالآيات التي يطلبونها تحديًا أو معاجزة ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ [القمر: ٩-١٢].
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ، فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ، أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ، سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ، إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ، فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ، فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ، إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ [القمر: ٢٣-٣١].