فمن الاعراب ما ذكرنا في العطف، ومن الصفات قوله " عذاب يوم محيط " واليوم ليس بمحيط، وإنما المحيط العذاب، وكذلك قوله " في يوم عاصف " واليوم ليس بعاصف وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف قوله على الصلاة والسلام " ارجعن مأزورات غير مأجورات " والاصل موزورات ولكن أريد التآخى، وكذلك قولهم: إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا.
ومن التأنيث قوله " فله عشر أمثالها " فحذفت التاء من عشر وهى مضافة إلى الامثال وهى مذكرة، ولكن لما جاورت الامثال الضمير المؤنث أجرى عليها حكمه، وكذلك قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تضعضعت * سور المدينة والجبال الخشع
وقولهم: ذهبت بعض أصابعه.
ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم: قامت هند، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة، ومن ذلك قولهم: قام زيد وعمرا كلمته استحسنوا النصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل، ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم أوائل، كما لو وقعت طرفا، وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب طواويس، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد، وقد جعل النحويون له بابا ورتبوا عليه مسائل ثم أصلوه بقولهم: جحر ضب خرب، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع، فأجاز الاتباع فيهما جماعة من حذاقهم قياسا على المفرد المسموع، ولو كان لا وجه في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط، ويؤيد ماذكرناه أن الجر في الآية قد أجيز غيره، وهو
[٢١٠]
النصب والرفع، والرفع والنصب غير قاطعين ولاظاهرين على أن حكم الرجلين المسح، وكذلك الجر يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الاعراب.
والوجه الثانى أن يكون جر الارجل بجار محذوف تقديره: وافعلوا بأرجلكم غسلا وحذف الجار وإبقاء الجر جائز، قال الشاعر:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها
وقال زهير: