قوله تعالى (ولهم عذاب) مبتدأ وخبر أو فاعل عمل فيه الجار على ماذكرنا قبل، وفى (عظيم) ضمير يرجع على العذاب لانه صفته.
قوله تعالى (ومن الناس) الواو دخلت هنا للعطف على قوله " الذين يؤمنون
[١٦]
بالغيب " وذلك أن هذه الآيات استوعبت أقسام الناس، فالآيات الاول تضمنت ذكر المخلصين في الايمان، وقوله (إن الذين كفروا) تضمن ذكر من أظهر الكفر وأبطنه، وهذه الآية تضمنت ذكر من أظهر الايمان وأبطن الكفر، فمن هنا دخلت الواو لتبين أن المذكورين من تتمة الكلام الاول، ومن هنا للتبعيض، وفتحت نونها ولم تكسر لئلا تتوالى الكسرتان، وأصل الناس عند سيبويه أناس حذفت همزته وهى فاء الكلمة، وجعلت الالف واللام كالعوض منها، فلا يكاد يستعمل الناس إلا بالالف واللام، ولايكاد يستعمل أناس بالالف واللام، فالالف في الناس على هذا زائدة واشتقاقه من الانس، وقال غيره ليس في الكلمة حذف، والالف منقلبة عن واو وهى عين الكلمة، واشتقاقه من ناس ينوس نوسا إذا تحرك، وقالوا في تصغيره: نويس.
قوله (من يقول) من: في موضع رفع بالابتداء وماقبله الخبر، أو هو مرتفع بالجار قبله على ماتقدم، ومن هنا نكرة موصوفة، ويقول: صفة لها، ويضعف أن تكون بمعنى الذى، لان الذى يتناول قوما بأعيانهم، والمعنى هاهنا على الابهام والتقدير: ومن الناس فريق يقول، ومن موحدة للفظ، وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد، والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها، وأن يثنى ويجمع ويؤنث حملا على معناها، وقد جاء في هذه الآية على الوجهين، فالضمير في يقول مفرد، وفى آمنا وماهم جمع، والاصل في يقول: يقول بسكون القاف وضم الواو لانه نظير يقعد ويقتل، ولم يأت إلا على ذلك، فنقلت ضمة الواو إلى القاف ليخف اللفظ بالواو، ومن هاهنا إذا أمرت لم تحتج إلى الهمزة بل تقول قل، لان فاء الكلمة قد تحركت فلم تحتج إلى همزة الوصل.