والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا، مختلفة ترتيبا وحدا، فمنها المختصر حجما وعلما، ومنها المطول بكثرة إعراب الظواهر، وخلط الاعراب بالمعانى، وقلما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم، فلما وجدتها على ما وصفت، أحببت أن أملى كتابا يصغر حجمه يكثر علمه، أقتصر فيه على ذكر الاعراب ووجوه القراء ات، فأتيت به على ذلك، والله أسأل أن يوفقنى فيه لاصابة لصواب، وحسن القصد به بمنه وكرمه.
إعراب الاستعاذة
(أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو مثل أقتل، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين وبقيت ساكنة، ومصدره عوذ وعياذ ومعاذ، وهذا تعليم، والتقدير فيه: قل أعوذ.
(والشيطان) فيعال من شطن يشطن إذا بعد، ويقال فيه شاطن وتشطين، وسمى بذلك كل متمرد لبعد غوره في الشر، وقيل هو فعلان من شاط يشيط إذا هلك فالتمرد هالك بتمرده، ويجوز ان يكون سمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره، و (الرجيم) فعيل بمعنى مفعول: أى مرجوم بالطرد واللعن، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أى يرجم غيره بالاغواء.
إعراب التسمية
الباء في (بسم) متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير ابتدائى بسم الله، أى كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار، وقال الكوفيون: المحذوف فعل تقديره ابتدأت أو أبدأ فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف وحذفت الالف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك أثبت الالف في الخط، وقيل حذفوا الالف لانهم حملوه على سم وهى لغة في اسم، ولغاته خمس: سم بكسر السين وضمها، واسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى، والاصل في اسم سمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامى، وفى تصغيره سمى، وبنوا منه فعيلا فقالوا: فلان سميك أى اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، فقد رأيت كيف رجع المحذوف إلى آخره.