قوله تعالى (أن لهم جنات) فتحت أن هاهنا لان التقدير لهم، وموضع أن وماعملت فيه نصب ببشر، لان حرف الجر إذا حذف وصل الفعل بنفسه هذا مذهب سيبويه، وأجاز الخليل أن يكون في موضع جر بالباء المحذوفة لانه موضع تزاد فيه، فكأنها ملفوظ بها، ولايجوز ذلك مع غير أن لو قلت بشره بأنه مخلد في الجنة جاز حذف الباء لطول الكلام، ولو قلت بشره الخلود لم يجز وهذا أصل يتكرر في القرآن كثيرا فتأمله واطلبه هاهنا (تجرى من تحتها الانهار) الجملة في موضع نصب صفة للجنات، والانهار مرفوعة بتجرى لابالابتداء وأن، من تحتها الخبر ولابتحتها لان تجرى لاضمير فيه إذا كانت الجنات لاتجرى وإنما تجرى أنهارها، والتقدير من تحت شجرها لامن تحت أرضها فحذف المضاف، ولو قيل إن الجنة هى الشجر فلا يكون في الكلام حذف لكان وجها (كلما رزقوا منها) إلى قوله من قبل في موضع نصب على الحال من الذين آمنوا تقديره مرزوقين على الدوام، ويجوز أن يكون حالا من الجنات لانها قد وصفت وفى الجملة ضمير يعود إليها وهو قوله منها (رزقنا من قبل) أى رزقناه فحذف العائد، وبنيت قبل لقطعها عن الاضافة لان التقدير من قبل هذا (وأتوا به) يجوز أن يكون حالا وقد معه مرادة تقديره قالوا ذلك وقد أتوا به ويجوز أن يكون مستأنفا و (متشابها) حال من الهاء في به (ولهم فيها أزواج) أزواج مبتدأ ولهم الخبر، وفيها ظرف للاستقرار، ولايكون فيها الخبر لان الفائدة تقل إذ الفائدة في جعل الازواج لهم
[٢٦]
و (فيها) الثانية تتعلق ب‍ (خالدون) وهاتان الجملتان مستأنفتان ويجوز أن تكون الثانية حالا من الهاء والميم في لهم والعامل فيها معنى الاستقرار.


الصفحة التالية
Icon