قوله تعالى (سبحانك) سبحان اسم واقع موقع المصدر، وقد اشتق منه سبحت والتسبيح، ولايكاد يستعمل إلا مضافا، لان الاضافة تبين من المعظم، فإن أفرد عن الاضافة كان اسما علما للتسبيح لاينصرف للتعريف، والالف والنون في آخره مثل عثمان، وقد جاء في الشعر منونا على نحو تنوين العلم إذا نكر ومايضاف إليه مفعول به لانه المسبح، ويجوز أن يكون فاعلا، لان المعنى تنزهت، وانتصابه على المصدر بفعل محذوف تقديره: سبحت الله تسبيحا (إلا ماعلمتنا) مامصدرية أى إلا علما علمتناه، وموضعه رفع على البدل من موضع لا علم، كقولك لاإله إلا الله، ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى، ويكون علم بمعنى معلوم: أى لامعلوم لنا إلا الذى علمتناه، ولايجوز أن تكون " ما " في موضع نصب بالعلم، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لايبنى (إنك أنت العليم) أنت مبتدأ والعليم خبره، والجملة خبر إن، ويجوز أن يكون أنت توكيد للمنصوب، ووقع بلفظ المرفوع لانه هو الكاف في المعنى ولايقع هاهنا إياك للتوكيد، لانها لو وقعت لكانت بدلا، وإياك لم يؤكد بها، ويجوز أن يكون فصلا لاموضع لها من الاعراب، و (الحكيم) خبر ثان أو صفة للعليم على قول من أجاز صفة الصفة، وهو صحيح لان هذه الصفة هى الموصوف في المعنى، والعليم بمعنى العالم، وأما الحكيم فيجوز أن يكون بمعنى الحاكم، وأن يكون بمعنى المحكم.
قوله تعالى (أنبئهم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبالياء على تليين الهمزة، ولم نقلبها قلبا قياسيا، لانه لو كان كذلك لحذفت الياء كما تحذف من قولك أبقهم كما بقيت، وقد قرئ " آنبهم " بكسر الباء من غير همزة ولاياء، على أن يكون إبدال الهمزة ياء إبدالا قياسيا، وأنبأ يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد، وإلى الثانى
[٣٠]


الصفحة التالية
Icon