و (السراط) بالسين هو الاصل لانه من سرط الشئ إذا بلعه، وسمى الطريق سراطا لجريان الناس فيه كجريان الشئ المبتلع، فمن قرأه بالسين جاء به على الاصل، ومن قرأه بالصاد قلب السين صادا لتجانس الطاء في الاطباق، والسين تشارك الصاد في الصفير والهمس، فلما شاركت الصاد في ذلك قربت منها، فكانت مقاربتها لها مجوزة قلبها إليها لتجانس الطاء في الاطباق، ومن قرأ بالزاى قلب السين زايا، لان الزاى والسين من حروف الصفير، والزاى أشبه بالطاء لانهما مجهورتان، ومن أشم الصاد زايا قصد أن يجعلها بين الجهر والاطباق، وأصل (المستقيم) مستقوم ثم عمل فيه ماذكرنا في نستعين، ومستفعل هنا بمعنى فعيل: أى السراط القويم، ويجوز أن يكون بمعنى القائم، أى الثابت، وسراط الثانى بدلا من الاول، وهو بدل الشئ وهما بمعنى واحد وكلاهما معرفة، والذين اسم موصول وصلته أنعمت، والعائد عليه الهاء والميم، والغرض من وضع الذى وصف المعارف بالجمل، لان الجمل تفسر بالنكرات والنكرة لاتوصف بها المعرفة، والالف واللام في الذى زائدتان وتعريفها بالصلة، ألا ترى أن " من " و " ما " معرفتان ولا لام فيهما فدل أن تعرفهما بالصلة.
والاصل في الذين اللذيون، لان واحده الذى، إلا أن ياء الجمع حذفت ياء الاصل لئلا يجتمع ساكنان، والذين بالياء في كل حال لانه اسم مبنى، ومن العرب من يجعله في الرفع بالواو، وفى الجر والنصب بالياء كما جعلوا تثنيته بالالف في الرفع وبالياء في الجر والنصب.
وفى الذى خمس لغات: إحداها الذى بلام مفتوحة من غير لام التعريف، وقد قرئ به شاذا، والثانية الذى بسكون الياء، والثالثة بحذفها وإبقاء كسرة الذال، والرابعة حذف الياء وإسكان الذال، والخامسة بياء مشددة.
[٨]
قوله تعالى (غير المغضوب) يقرأ بالجر، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه بدل من الذين.
والثانى أنه بدل من الهاء والميم في عليهم.
والثالث أنه صفة للذين.


الصفحة التالية
Icon