فإن قيل: ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذى هو مناد عليه؟ قيل: فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو توكيد كما تقول قم قائما، والثانى أنه وصل به ماحسن التكرير، وهو قوله (للايمان) والثالث أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ماليس بنداء، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداء ه في تلك الحال، ومفعول ينادى محذوف: أى ينادى الناس (أن آمنوا) أن هنا بمعنى أى، فيكون النداء قوله آمنوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالامر فيكون التقدير: على هذا ينادى للايمان بأن آمنوا (مع الابرار) صفة للمفعول المحذوف تقديره: أبرارا مع الابرار، وأبرارا على هذا حال، والابرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف، ويجوز الامالة في الابرار تغليبا لكسرة الراء الثانية.
قوله تعالى (على رسلك) أى على ألسنة رسلك، وعلى متعلقة بوعدتنا، ويجوز أن يكون بآتنا و (الميعاد) مصدر بمعنى الوعد.
قوله تعالى (عامل منكم) منكم صفة لعامل و (من ذكر أو أنثى) بدل من منكم، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الايضاح، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره: استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى، و (بعضكم من بعض) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أو صفة (فالذين هاجروا) مبتدأ، و (لاكفرن) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف (ثوابا) مصدر، وفعله دل عليه الكلام المتقدم، لان تكفير السيئات إثابة فكأنه قال: لاثيبنكم ثوابا، وقيل هو حال، وقيل تمييز، وكلا القولين كوفى، والثواب بمعنى الاثابة، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك: هذا الدرهم ثوابك، فعلى هذا يجوز أن يكون
[١٦٤]
حالا من الجنات: أى مثابا بها أو حالا من ضمير المفعول في لادخلنهم أى مثابين، ويجوز أن يكون مفعولا به لان معنى أدخلنهم أعطينهم، فيكون على هذا بدلا من جنات، ويجوز أن يكون مستأنفا: أى يعطيهم ثوابا.