قلت : التقارب هنا جاء من الغنة لأن الغنة ليست غنة نون خالصة أو تنوين خالص وإنما نون أو تنوين اختلطا بياء أو واو ؛ فَخَلَّق ياء أخرى أو واوا أخرى لأن كلمة ( قريباً يوم ) مثلا ؛ ألا ترى أنك حين تدغم تقول :( قَرِيبَيْيَوم) فخَلَّقَت الغنة (ياء ) غير أصلية، وكذا تقول :( من وال ) حيث تدغم تقول :( مِوْوَال ) فَخَلَّقَت الغُنَّة واوا غير أصلية، هذا سبب التقارب، ومثله أن يتزوج الرجل بما ليس من بلدته ولا من أبناء جنسه أَمَا تَسَبَّب هذا الزواج بصلة قَرَابة بينهما، إذن فالتقارب إما : أصلى وإما نَسَبِي، وفى اجتماع الواو والياء مع النون الساكنة والتنوين التقارب نسبي.
ولا تأتي الواو والياء في كلمة بعد تنوين أبداً، وإنما جاءتا بعد نون ساكنة في أربع كلمات :( دنيا، صنوان، قنوان، بنيان ) ويسمى هذا عند القراء إظهاراً مطلقاً واجباً.
وأما الإدغام في الميم فمثاله :( من ماء مهين، من مال الله الذي آتاكم، مما خطيئاتهم).
والنون :( يومئذ ناعمة، لن نصبر ).
إذا سُئلت عن مثل ذلك قلت : إدغام بغنة واجب ناقص.
وليحترز في النون من مثل :( الناس، والنوم، والنعيم، والنساء، والنبيين ) ونحو ذلك مما فيه لام ( أل ) الشمسية فليس ذلك من الإدغام بغنة في شيء.
النوع الثاني من الإدغام :
إدغام بغير غنة كامل.
وحرفاه : اللام والراء.
ولنضرب لذلك مثالين أو ثلاثة لتقيس ما غاب على ما حضر :
فاللام :( يبين لنا، ألن نجمع، من لدنه ).
والراء :( غفور رحيم، من ربهم، وقيل من راق ( عند من لا يسكت).
إذا سئلت عن هذا قلت : إدغام بغير غنة ناقص واجب.
الحكم الثالث : الإقلاب :
وهو لغةً : التغيير.
واصطلاحاً : قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً خالصة أو مخفاة عند دخول الباء عليهما.
وصحح ابن الجزري الإخفاء في النشر، ولكنه عندما ألف المقدمة لم يشر إلى الإخفاء فقال :


الصفحة التالية
Icon