وكلا هاتين الطريقتين مهمة ومطلوبة، ولها مميزاتها.
فالأولى: أسهل وأسلم كما وصفها ابن القيم - رحمه الله - بقوله:
"وهي أقرب مأخذاً، وأسلم من التكلف". ويناسب خطاب العامة ومن في حكمهم.
والثانية: تبيّن خاصية الأمثال في دقة التصوير وسرعة التفهيم، وإصابة المعاني، وإزالة الإشكال، وإبراز الفوائد، ونحوها.
كما تبيّن إعجاز القرآن، وبلاغته. وذلك أن الأمثال تفتح لمن يتأملها آفاقاً بعيدة من العلوم السامية، والفوائد المتعددة، يأخذ كل من يتفكر فيها من ذلك بقدر ما أعطاه الله من العلم والإدراك، وقد يجد غيره فوق ذلك. إلا أن الإحاطة بما أودع الله فيها من العلم أمر تقصر عنه عقول أولي الألباب، وتكلّ عن التعبير عنه بلاغة الفصحاء ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ ١.
ومما يؤيد أهمية المنهج التفصيلي في دراسة الأمثال أن الله أخبر أن العلماء هم الذين يعقلونها بقوله: ﴿وَمَا يَعقِلُهَا إِلا العَالمونَ﴾ ٢، وبين أن طريق ذلك هو التفكر فيها بقوله: ﴿لَعَلهم يَتَفَكرُونَ﴾ ٣. وإنما يكون ذلك بإعمال
٢ سورة العنكبوت آية (٤٣).
٣ سورة الأعراف آية (١٧٦)، وسورة الحشر آية (٢١).