﴿مُحَمّدٌ رّسُولُ اللهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ﴾ ١ الآية.
قال: "والإشارة بقوله "ذلك" إلى ما تقدم من الصفات الجليلة.. ، ﴿مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ﴾ أي وصفهم الذي وصفوا به في التوارة"٢.
وقد قرر بعض الباحثين٣ المعاصرين معنى بديعاً هو: أن لفظ "مَثَل" و "مِثْل" إذا اقترنا بكاف التشبيه، فإِن الأقرب تفسيرهما بمعنى: وصف، حيث قال:
"فيمكن أن نقول٤ في ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ : ليس كوصفه شيء،

١ سورة الفتح، الآية رقم (٢٩).
٢ فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية، من علم التفسير، لمحمد بن علي الشوكاني، (٥/٥٦)، شركة مصطفى البابي، مصر، الطبعة الثانية، ١٣٨٣هـ.
٣ عبد الرحمن بن حسن حبنكه الميداني، أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع، تأملات وتدبر، دار القلم، دمشق، الطبعة الثانية، ١٤١٢هـ.
٤ قول د. عبد الرحمن حبنكة: "فيمكن أن نقول"، قد يفهم منه أن ما بعده إِنما هو معنى استنتجه وتوصل إليه من تأمله في النصوص التي قدم بها، والحال أنه مسبوق إلى هذا المعنى، وما ذكره من تفسير قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ إنما اقتبسه من كلام الراغب في المفردات ص (٤٦٢).
إلا أن الأجدر بالتنبيه حول منهج د. عبد الرحمن حبنكه في كتابه: "أمثال القرآن" هو معالجته مباحث الكتاب بتأمله وتدبره الخاص، بما في ذلك القضايا العقدية، وربما اقتبس بعض المعاني وعرضها دون تفريق بينها وبين ما توصل إليه بتأمله.
وهذه الطريقة مع ما فيها من مخالفة منهج البحث العلمي، فهي تُجرِّيء على الخوض في تفسير كتاب اللَّه، وتقرير مسائل الاعتقاد بالنظر العقلي المجرد، والواجب السير على نهج السلف الصالح من تفسير كتاب اللَّه وبيان الدين من خلال ربط الآيات بعضها ببعض، وتفسير القرآن بالمأثور، من الأحاديث الصحاح، وكلام سلف الأمة وأئمة الدين، ثم التعقيب بالشرح والتوضيح، بعد أن يُؤصَّل لذلك الفهم.


الصفحة التالية
Icon