وهكذا يكشف الغزالي عن الجانب الإلهي في الإنسان، ويصله بصلة مباشرة بالعالم العلوي. ويضع نظرية جديدة في طبيعة النبوة والولاية تستغني في تفسير وصول الوحي إلى الإنسان عن وساطة الوحي، أو أي مدد خارجي آخر خارج عن النفس الإنسانية ذاتها. ولماذا يحتاج النبي أو الولي إلى ملك الوحي وهو يحمل مصباح النور الإلهي في قلبه؟ "١.
ولا يسعنا إزاء هذه الضلالات المتلاطمة إلا أن نقول: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.
وضلال هذا القول أظهر عند أهل الإسلام - العارفين بمقاصد الدين، وما دل عليه كتاب الله تعالى، وما جاء به النبي ﷺ - من الشمس في رائعة النهار -. ويكفي أن يعلم أن هذا القول أشد كفراً، وأخبث معتقداً من قول النصارى الذين زعموا أن عيسى - عليه السلام - له طبيعة إلهية، وأخرى بشرية، وذلك أن النصارى خصوا بهذا الزعم عيسى - عليه السلام - وهذا الدجال ومن حذا حذوه عمموه في سائر البشر، بل في سائر المخلوقات.
وقد يسر الله لهذا الكتاب جنديا من المرابطين للدفاع عن الدين هو الإمام شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله - فألف

١ مشكاة الأنوار، ص (٢١، ٢٢).


الصفحة التالية
Icon