الفائدة السادسة: دلالة المثل على إعداد الله الإنسان بالفطرة السليمة واستدعائها لنُور الإيمان.
تقدم١ عند الكلام على مطابقة المثل للمثّل له، أن هناك تشابها بين الفطرة والفتيلة، من حيث إن كلاً منهما في أصل خلقه وصنعه مهيأ لاستدعاء وتشرب ما يناسبه، فالفتيلة تتشرب الوقود المناسب وتمتصه، وتتبلل به وتصبح مهيأة به للاشتغال إذا أوقدت.
وكذلك الفطرة على الدين الحنيف - التي فطر الله قلوب العباد عليها - مهيأة لاستدعاء ما يناسب ما فُطرت عليه من التوحيد والدين والحق؛ فإذا تشربت ما يرد إليها من ذلك من العلم بالكتاب والسنة، فإنها تكون مهيأة لإيقاد مصباح القلب، وقذف نُور الإيمان به.
المراد بالفطرة:
يطلق لفظ الفطرة ويراد به معان مختلفة، وهذه المعاني ترجع إلى معنيين:
(الأول) : هو إعطاء المخلوق في أصل خلقه ما يستدعي فعل أو قبول شيء أو تركه.
وهذا النوع هو الذي عبر عنه الراغب في المفردات بقوله: "وفطر الله الخلق: وهو إيجاد الشيء وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من

١ انظر: ص (٣٢٣).


الصفحة التالية
Icon