رواياته: "حتى تكونوا أنتم تجدعونها"١.
قَال ابن تيمية - رحمه الله -: "المراد ما خلقهم عليه من الفطرة لا تَبدل، فلا يخلقون على غير الفطرة، لا يقع هذا قط، والمعنى أن الخلق لا يتبدل فيخلقون على غير الفطرة، ولم يرد بذلك أن الفطرة لا تتغير بعد الخلق، بل نفس الحديث يبين أنها تتغير، ولهذا شبهها بالبهيمة التي تولد جمعاء ثم تجدع، ولا تولد بهيمة قط مخصية ولا مجدوعة"٢.
ومن ذلك ما تقدم في الحديث من قول الله تعالى: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً".
فدل الحديث على أثر جهود الشياطين من الجن والإنس في تغيير وحرف ما فطر الناس عليه وصرفهم عن التوحيد إلى ضده من الشرك، وتأمرهم بتغيير الدين بتحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله، وتزين لهم الشر والفساد.
فالشياطين من الإنس والجن أثرهم مضاد لأثر دعوة الأنبياء الذين

١ رواه مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، (ح٢٦٥٨)، (٤/٢٠٤٧).
٢ درء تعارض العقل والنقل، (٨/٤٢٥).


الصفحة التالية
Icon