والتمييز بين الحق والباطل والحسن والقبيح، وأن هذه الخاصية تميز بها أهل الإيمان والعلم وبها اكتسبوا الوصف بأنهم أولو الألباب.
ورد هذا المعنى في قوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ أي أنهم يعملون عقولهم في تدبر القول الحسن وهو الوحي المطهر فيتبيّن لهم الحسن من القبيح والحق من الباطل فيتبعون الحسن.
وفي قوله في الآيات الأخرى: ﴿قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.
وذلك أن خروجهم من الظلمات إلى النُور يكون بعد إعمالهم عقولهم في الآيات المبينات، فيتبين لهم النور من الظلمة فيسيرون في النور ويبتعدون عن الظلمات.
فقدرة العقل على التمييز بين الحق والباطل في المطالب الدينية لا تكون بنظره المجرد، وإنما هي خاصية القلب المنور بنُور العلم والإيمان.
وبذلك يتبين أثر نُور العلم والإيمان في زكاة القلب وسلامة تعقله وصحة استنتاجه.
٣- أن ثمرة تلك العقول الراجحة الناظرة في العلوم النازلة، أنها دلت أهلها على الأعمال الصالحة، والأقوال الخيرة، والأحوال المباركة، فسارعوا إليها فاستحقوا بذلك هداية الله ورضوانه وكرامته في الدنيا