قوله سبحانه: ﴿أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ الآية، دليل على أنه نتجعن استمتاعهم بخلاقهم وخوضهم كفرهم وحبوط أعمالهم. كما قال سبحانه في الآية الأخرى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ﴾ ١.
فهذه الآيات تبين أن سبب الكفر والضلال بعد الهدى أمران:
أحدهما: الخوض في الشبهات، والثاني: الاسترسال مع الشهوات المحرمة والذي قد يؤدي إلى الكفر كما قيل: المعاصي بريد الكفر.
قال الإمام ابن تيمية - رحمه اللَّه -: "وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق، وبين الخوض، لأن فساد الدين: إمّا أن يقع بالاعتقاد الباطل، والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق.
والأول: هو البدع ونحوها. والثاني: فسق الأعمال ونحوها.
والأول: من جهة الشبهات. والثاني: من جهة الشهوات"٢.
وقال ابن عباس - رضي اللَّه عنهما في هذه الآية -: "ما أشبه الليلة بالبارحة ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، هؤلاء بنو إسرائيل،
٢ اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، (١/١٠٢-١٠٣).