قَال ابن كثير - رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ :"أي إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين- في زعمهم - فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا. فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به... ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك. وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه. وجاءتهم الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - بردها والنهي عنها. والدعوة إلى إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له. وأن ذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم، لم يأذن الله فيه، ولا رضيه. بل أبغضه ونهى عنه:
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ ١، ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلآَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ٢.

١ سورة النحل آية (٣٦).
٢ سورة الأنبياء آية (٢٥).


الصفحة التالية
Icon