سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِيهِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَيَكُونُ مُرَادُ الْآيَةِ جَمِيعَهُ، وَأَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَمَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَوَفَّى بِهِ وَقَامَ بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى بِهِ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ; لِأَنَّ ضِدَّ الْإِتْمَامِ النَّقْصُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِإِتْمَامِهِنَّ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَشْرَ الْخِصَالِ فِي الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْفِطْرَةِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُقْتَدِيًا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾ [النحل: ١٢٣] وَبِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠].
مطلب في الحث على نظافة البدن والثياب
وَهَذِهِ الْخِصَالُ قَدْ ثَبَتَتْ مِنْ سُنَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّنْظِيفُ وَنَفْيُ الْأَقْذَارِ وَالْأَوْسَاخِ عَنْ الْأَبَدَانِ وَالثِّيَابِ مَأْمُورًا بِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَظَرَ إزَالَةَ التَّفَثِ وَالشَّعْرِ فِي الْإِحْرَامِ أَمَرَ بِهِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩] وَمِنْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ "أَنْ يَسْتَاكَ وَأَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ" فَهَذِهِ كُلُّهَا خِصَالٌ مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الْعُقُولِ مَحْمُودَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْعَادَاتِ، وَقَدْ أَكَّدَهَا التَّوْقِيفُ مِنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَيَّانِ التَّمَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا: حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانِ الْعِجْلِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ فَرُّوخَ أَبُو وَاصِلٍ قَالَ: أَتَيْت أَبَا أَيُّوبَ فَصَافَحَتْهُ فَرَأَى فِي أَظْفَارِي طُولًا فَقَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَقَالَ: "يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَسْأَلُ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأَظْفَارُهُ كَأَنَّهَا أَظْفَارُ الطَّيْرِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْخَبَاثَةُ وَالتَّفَثُ؟ " وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سهل بن أيوب قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْحَذَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ زَيْدٍ الْأَهْوَازِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ تَهِمُ ١ قَالَ: "وَمَا لِي لَا أَهِمُ وَرُفْغُ أَحَدِكُمْ بَيْنَ أَظْفَارِهِ وَأَنَامِلِهِ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنه كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إلَى الْجُمُعَةِ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن

١ قوله "إنك تهم" مضارع "وهم" بمعنى غلط، وفي رواية أخرى "أنك لتوهم" بمعنى تغلط. وقوله "رفغ أحدكم" الرفغ بالضم والفتح واحد الأفراغ وهي أصول المغابن كالآبط وغيرها من مطاوي الأعضاء وما يجتمع فيها من الوسخ والعرق وأراد بالرفغ هنا وسخ الظفر كما في النهاية. "لمصححه".

مطلب في الحث على نظافة البدن والثياب
وَهَذِهِ الْخِصَالُ قَدْ ثَبَتَتْ مِنْ سُنَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّنْظِيفُ وَنَفْيُ الْأَقْذَارِ وَالْأَوْسَاخِ عَنْ الْأَبَدَانِ وَالثِّيَابِ مَأْمُورًا بِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَظَرَ إزَالَةَ التَّفَثِ وَالشَّعْرِ فِي الْإِحْرَامِ أَمَرَ بِهِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩] وَمِنْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ "أَنْ يَسْتَاكَ وَأَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ" فَهَذِهِ كُلُّهَا خِصَالٌ مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الْعُقُولِ مَحْمُودَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْعَادَاتِ، وَقَدْ أَكَّدَهَا التَّوْقِيفُ مِنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَيَّانِ التَّمَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا: حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانِ الْعِجْلِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ فَرُّوخَ أَبُو وَاصِلٍ قَالَ: أَتَيْت أَبَا أَيُّوبَ فَصَافَحَتْهُ فَرَأَى فِي أَظْفَارِي طُولًا فَقَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَقَالَ: "يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَسْأَلُ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأَظْفَارُهُ كَأَنَّهَا أَظْفَارُ الطَّيْرِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْخَبَاثَةُ وَالتَّفَثُ؟ " وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سهل بن أيوب قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْحَذَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ زَيْدٍ الْأَهْوَازِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ تَهِمُ ١ قَالَ: "وَمَا لِي لَا أَهِمُ وَرُفْغُ أَحَدِكُمْ بَيْنَ أَظْفَارِهِ وَأَنَامِلِهِ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنه كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إلَى الْجُمُعَةِ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن
١ قوله "إنك تهم" مضارع "وهم" بمعنى غلط، وفي رواية أخرى "أنك لتوهم" بمعنى تغلط. وقوله "رفغ أحدكم" الرفغ بالضم والفتح واحد الأفراغ وهي أصول المغابن كالآبط وغيرها من مطاوي الأعضاء وما يجتمع فيها من الوسخ والعرق وأراد بالرفغ هنا وسخ الظفر كما في النهاية. "لمصححه".


الصفحة التالية
Icon