بَابُ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَاذْبَحْ فِي أَيُّهَا شِئْتَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ النَّحْرِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ". وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ الْقَاضِي قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الطُّوسِيُّ إلَى أَبِي يُوسُفَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبُو يُوسُفَ جَوَابَ كِتَابِهِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَذْهَبُ; لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ الْقَارِيّ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرُ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَاَلَّذِي رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُمْ أَصَحُّ. وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا قِيلَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَعْدُودَاتٌ; لِأَنَّهَا قَلِيلَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] وَأَنَّهُ سَمَّاهَا مَعْدُودَةً لِقِلَّتِهَا. وَقِيلَ لِأَيَّامِ الْعَشْرِ مَعْلُومَاتٌ حَثًّا عَلَى عِلْمِهَا وَحِسَابِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا، فَكَأَنَّهُ أَمَرَنَا بِمَعْرِفَةِ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطَلَبِ الْهِلَالِ فِيهِ حَتَّى نَعُدَّ عَشَرَةً وَيَكُونَ آخِرُهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ. وَيُحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ فِي أَنَّ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ مَقْصُورٌ عَلَى أَيَّامِ الْعَشْرِ مَفْعُولٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَهُمَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا قَالَ: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ النَّحْرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ. قِيلَ لَهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، كَمَا قال: ﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ وَمَعْنَاهُ: لِمَا هَدَاكُمْ، وَكَمَا تَقُولُ: اُشْكُرْ اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ، وَمَعْنَاهُ: لِنِعَمِهِ. وَأَيْضًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَكُونَ قَوْله تَعَالَى: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ﴾ يُرِيدُ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبِتَكْرَارِ السِّنِينَ عَلَيْهِ تَصِيرُ أَيَّامًا. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَبْحَ سَائِرَ الْهَدَايَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ: "هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ
بَابُ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَاذْبَحْ فِي أَيُّهَا شِئْتَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ النَّحْرِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ". وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ الْقَاضِي قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الطُّوسِيُّ إلَى أَبِي يُوسُفَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبُو يُوسُفَ جَوَابَ كِتَابِهِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَذْهَبُ; لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ الْقَارِيّ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرُ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَاَلَّذِي رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُمْ أَصَحُّ. وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا قِيلَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَعْدُودَاتٌ; لِأَنَّهَا قَلِيلَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] وَأَنَّهُ سَمَّاهَا مَعْدُودَةً لِقِلَّتِهَا. وَقِيلَ لِأَيَّامِ الْعَشْرِ مَعْلُومَاتٌ حَثًّا عَلَى عِلْمِهَا وَحِسَابِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا، فَكَأَنَّهُ أَمَرَنَا بِمَعْرِفَةِ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطَلَبِ الْهِلَالِ فِيهِ حَتَّى نَعُدَّ عَشَرَةً وَيَكُونَ آخِرُهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ. وَيُحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ فِي أَنَّ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ مَقْصُورٌ عَلَى أَيَّامِ الْعَشْرِ مَفْعُولٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَهُمَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا قَالَ: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ النَّحْرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ. قِيلَ لَهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، كَمَا قال: ﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ وَمَعْنَاهُ: لِمَا هَدَاكُمْ، وَكَمَا تَقُولُ: اُشْكُرْ اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ، وَمَعْنَاهُ: لِنِعَمِهِ. وَأَيْضًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَكُونَ قَوْله تَعَالَى: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ﴾ يُرِيدُ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبِتَكْرَارِ السِّنِينَ عَلَيْهِ تَصِيرُ أَيَّامًا. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَبْحَ سَائِرَ الْهَدَايَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ: "هو يوم النحر ويومان


الصفحة التالية
Icon