عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى إبَاحَةِ اللُّبْسِ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَيْسَ لَهُمَا تَأْثِيرٌ فِي إفْسَادِ الْإِحْرَامِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطِّيبُ وَالصَّيْدُ مِثْلَهُمَا.
وقَوْله تَعَالَى: ﴿بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: "إنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ; لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ: "أُعْتِقَ مِنْ أَنْ يَمْلِكَهُ الْجَبَابِرَةُ". وَقِيلَ: "إنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، بَنَاهُ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ وَلَدُهُ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ أَقْدَمُ بَيْتٍ، فَسُمِّيَ لِذَلِكَ عَتِيقًا".
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اجْتِنَابَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ الْإِحْرَامِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتِعْظَامًا لِمُوَاقَعَةِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي إحْرَامِهِ صِيَانَةً لِحَجِّهِ وَإِحْرَامِهِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ تَرْكِ اسْتِعْظَامِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْمَوْقُوذَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ. وَالثَّانِي: وَأُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فِي حَالِ إحْرَامِكُمْ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مِنْ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
قَوْله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ يَعْنِي: اجْتَنِبُوا تَعْظِيمَ الْأَوْثَانِ فَلَا تُعَظِّمُوهَا وَاجْتَنِبُوا الذَّبَائِحَ لَهَا عَلَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمُشْرِكُونَ، وَسَمَّاهَا رِجْسًا اسْتِقْذَارًا لَهَا وَاسْتِخْفَافًا بِهَا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِاسْتِقْذَارِهَا; لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَنْحَرُونَ عَلَيْهَا هَدَايَاهُمْ وَيَصُبُّونَ عَلَيْهَا الدِّمَاءَ وَكَانُوا مَعَ هَذِهِ النَّجَاسَاتِ يُعَظِّمُونَهَا، فَنَهَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ تَعْظِيمِهَا وَعِبَادَتِهَا وَسَمَّاهَا رِجْسًا لِقَذَارَتِهَا وَنَجَاسَتِهَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمَّاهَا رِجْسًا لِلُزُومِ اجْتِنَابِهَا كَاجْتِنَابِ الْأَقْذَارِ وَالْأَنْجَاسِ.
بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ وَالزُّورُ الْكَذِبُ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْكَذِبِ، وَأَعْظَمُهَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ شَهَادَةُ الزُّورِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الْعُصْفُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلاة الصُّبْحِ ثُمَّ قَالَ:
بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ وَالزُّورُ الْكَذِبُ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْكَذِبِ، وَأَعْظَمُهَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ شَهَادَةُ الزُّورِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الْعُصْفُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلاة الصبح ثم قال:


الصفحة التالية
Icon