"مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إذَا بَلَغُوا عَشْرًا وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ". وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "حَافِظُوا عَلَى أَبْنَائِكُمْ فِي الصَّلَاةِ". وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "يُعَلَّمُ الصَّبِيُّ الصَّلَاةَ إذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ". وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَأْمُرُ الصِّبْيَانَ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، فَيُقَالُ لَهُ: يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا فَيَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَنَاهَوْا عَنْهَا". وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: "أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنِيهِ بِالصَّلَاةِ إذَا عَقَلُوهَا وَبِالصَّوْمِ إذَا أَطَاقُوهُ". وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ عَشْرَ سِنِينَ كُتِبَتْ لَهُ الْحَسَنَاتُ وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ حَتَّى يَحْتَلِمَ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَلِيَعْتَادَهُ وَيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأَقَلَّ نُفُورًا مِنْهُ، وَكَذَلِكَ يُجَنَّبُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَيُنْهَى عَنْ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ فِي الصِّغَرِ وَخُلِّيَ وَسَائِرُ شَهَوَاتِهِ وَمَا يُؤْثِرُهُ وَيَخْتَارُهُ يَصْعُبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُ; وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ رُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ: أَدِّبُوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ. وَكَمَا يُنْهَى عَنْ اعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَإِظْهَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا، كَذَلِكَ حُكْمُ الشَّرَائِعِ.
وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ﴾ الْآيَةَ. يَعْنِي أَنَّ الْأَطْفَالَ إذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ فَعَلَيْهِمْ الِاسْتِئْذَانُ فِي سَائِرَ الْأَوْقَاتِ كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ بُلُوغٌ. وَقَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ يَعْنِي بَعْدَ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ جَائِزٌ لِلْإِمَاءِ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ أَنْ يَدْخُلُوا بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ; إذْ كَانَتْ الْأَوْقَاتُ الثَّلَاثُ هُوَ حَالُ التَّكَشُّفِ وَالْخَلْوَةِ وَمَا بَعْدَهَا حَالُ السِّتْرِ وَالتَّأَهُّبِ لِدُخُولِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ وَقْتٍ لِكَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾.
فِي اسْمِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قال: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾ وَإِنَّ الْأَعْرَابَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ، وَإِنَّمَا الْعَتَمَةُ عَتَمَةُ الْإِبِلِ لِلْحِلَابِ".
وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً﴾ الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ
فِي اسْمِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قال: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾ وَإِنَّ الْأَعْرَابَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ، وَإِنَّمَا الْعَتَمَةُ عَتَمَةُ الْإِبِلِ لِلْحِلَابِ".
وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً﴾ الآية. قال ابن