(٤٥) ابن قتيبة (ت ٣٢٢ هـ = ٩٣٤ م)
هو أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو جعفر قاضٍ من أهل بغداد، له اشتغال بالأدب والكتابة، ولي القضاء بمصر سنة ٣٢١ هـ فجاءها وعرف فضله فيها فأقبل عليه طلاب العلوم والآداب وكانت وفاته بمصر وهو يلي قضاءها.
(٤٦) القاضي الباقلاني: (٣٣٨ - ٤٠٣ هـ=٩٥٠ - ١٠١٣ م)
محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر أبو بكر قاض من كبار علماء الكلام انتهت إليه الرياسة في مذهب الأشاعرة، ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي بها، وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها. من كتبه "إعجاز القرآن" و"الإنصاف" و"مناقب الأئمة" و"دقائق الكلام" و"الملل والنحل" و"هداية المرشدين" و"الاستبصار" وغيرها.
(٤٧) ابن الجزري (٧٥١ - ٨٣٣ هـ=١٣٥٠ - ١٤٢٩ م)
هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف أبو الخير، شمس الدين العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي شيخ الإقراء في زمانه من حفاظ الحديث، ولد ونشأ في دمشق وابتنى بها مدرسة سماها "دار القرآن" ورحل إلى مصر مراراً ودخل بلاد الروم وسافر إلى شيراز فولي قضاءها ومات فيها.
من كتبه: "النشر في القراءات العشر" و"غاية النهاية في طبقات القراء" و"التمهيد في علم التجويد" وغيرها كثير.
الفصل الثاني: تاريخ القراءات
المبحث الأول: القراءات في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم
أصبح من المسلم به ـ كما رأينا ـ أن باب الاجتهاد منقطع تماماً فيما يتعلق برواية القرآن الكريم تلاوته وأدائه، وليس لعلماء القراءة في هذا الباب أدنى اجتهاد، إلا في حدود ضبط الرواية عن المعصوم - ﷺ -.
وبذلك فإن سائر القراءات المتواترة قرأ بها النبي - ﷺ - وأقرأ عليها، ويلزم التسليم هنا أن النبي - ﷺ - قرأ بتحقيق الهمزات وقرأ بتسهيلها وقرأ بتغييرها وقرأ بإسقاطها، وقرأ بفتح الألف والتقليل فيها واجتماعها والإمالة فيها، وقرأ بالإدغام الصغير والإدغام الكبير، وقرأ بالفصل بين الحروف المدغمة.
وقرأ كذلك بسائر الفرشيات التي تنسب إلى الأئمة العشرة، إذ ثبت بأسانيدهم المتواترة أنهم تلقوا ذلك كله عن النبي - ﷺ -.
ولم يكن النبي - ﷺ - قد قسم هذه الاختيارات إلى وجوه سبعة أو عشرة محسومة، بل ترك لأصحابه الاختيار منها، بحسب ما تلقوه واستقامت عليه ألسنتهم.
ولو قدر أن يكون في عهد الصحابة من يهتم بحسم مسائل القراءة على الوجه الذي نهجته الشيوخ فيما بعد، لانتهى إلى الأمر ذاته الذي انتهوا إليه، ولكنه - ﷺ - مات وأمر الاختيار هذا مشاع في الأمة يتخير منه القراء من الصحابة ما يرغبون، بشرط أن يكونوا قد سمعوه من المعصوم - ﷺ - في مقام.
وهكذا فإنه يمكن القول إن الرسول - ﷺ - أول شيخ إقراء، تلقى الوجوه جميعاً عن جبريل، عن رب العزة جل جلاله وتباركت آلاؤه، وهو - ﷺ - أقرأها كما تلقاها.
وغني عن القول أن أي خلاف كان ينشأ في مسألة من مسائل القراءة كان يحسم مباشرة على وفق تصويب النبي - ﷺ - لأحد الوجهين، أو إقراره لهما جميعاً.
المبحث الثاني: القراء من الصحابة الكرام
لم يكن للصحب الكرام اشتغال بشيء أولى من اشتغالهم بالقرآن الكريم، ولذلك كثر فيهم القراء والحفاظ، ولكن لم يكن أولئك القراء بالضرورة على وفق المناهج التي اختارها القراء فيما بعد من التخصص، والجمع بين الوجوه واستقرائها، وإنما كان محض عبادة يؤدونها على