الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع طريقها الآحاد ولا يستوجب علماً، فالأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها، لأنه لا يمكنه تأويلها، ولو صحت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين الدفتين، فإن ذلك معلوم صحته لا يعترضه أحد من الأمة ولا يدفعه، وروايتنا متناصرة على قراءته والتمسك بما فيه، وردِّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه وعرضها عليه فما وافقه عوِّل عليه، وما خالفه يجتنب ولم يلتفت إليه، وقد ورد عن النبي - ﷺ - رواية لا يدفعها أحد أنه (قال: "إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض" وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر لأنه لا يجوز أن يأمرنا بالتمسك به، كما أن أهل البيت عليهم السلام ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت، وإذا كان الموجود بيننا مجمعاً على صحته فينبغي أن يتشاغل بتفسيره وبيان معانيه وترك ما سواه) (٩٤).
هذا ـ وقد قام صاحب كشف الارتياب في رد فصل الخطاب بنقل مجموعة من توكيدات أئمة الطائفة الإمامية بشأن سلامة النص القرآني، فعد منهم:
١ - أبو جعفر ابن بابويه القمي ت ٣٨١ هـ.
٢ - السيد المرتضى علي الموسوي ت ٤٣٦ هـ.
٣ - شيخ الطائفة الطوسي ت ٤٦١ هـ.
٤ - أبو علي الطبرسي ت ٥٤٨ هـ
٥ - السيد ابن طاووس ت ٦٤٤ هـ.
٦ - ملا محسن الفيض الكاشاني ت ١٠٩١ هـ.
٧ - محمد بهاء الدين العاملي البهائي ت ١٠٣٠ هـ.
٨ - محمد بن الحسن الحر العاملي ت ١١٠٤ هـ.
٩ - المحقق زين الدين البياضي.
١٠ - القاضي سيد نور الله التستري (٩٥).
إضافة إلى عدد من علماء الشيعة ومراجعهم المعاصرين كالسيد كاشف الغطاء ومحمد جواد البلاغي ومهدي الطباطبائي والسيد محسن الأمين العاملي ومحمد مهدي الشيرازي وشهاب الدين النجفي مرعشي والسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي والسيد محمد رضا الكلبايكاني والسيد آية الله الخميني وغيرهم كثير (٩٦).
يجب القول هنا بأن كثيراً من الروايات التي حملها المتجادِلون محمل التحريف، إنما هي أوهام رجال توهموها ثم فاؤوا إلى رشدهم فيها، وهي موجودة في كتب السنة كما في كتب الشيعة، ولا مسوغ لاتهام إحدى الطائفتين الأخرى، بأنها تعتقد شيئاً من ذلك بعد أن ثبت سلامة مراجع اعتقاد الطائفتين جميعاً بسلامة النص القرآني.
وهكذا فإنه لا مسوغ لاتهام طائفة عظيمة من المسلمين بالقول بتحريف القرآن، بسبب هذه المرويات التي يجب حملها على واحد من أربعة محامل:
١ - الطعن في إسنادها ورواتها.
٢ - حملها على أنها أوهام رواة، وجلَّ الذي لم يعصم غير نبيه - ﷺ -.
٣ - حملها على أنها من باب المنسوخ.
٤ - حملها على أنها مما كتبه الصحابة في مصاحفهم على سبيل التفسير.
ومن أراد تفصيل القول في هذه الوجوه فليرجع إلى الإتقان للسيوطي (٩٧) أو مناهل العرفان للزرقاني. (٩٨)
بقي أن نقول إن الشيعة اليوم تلتزم القراءة برواية حفص عن عاصم، وهي القراءة السائدة في العالم الإسلامي، لا تخالف جمهور الأمة في شيء منها، لا في رسم ولا شكل ولا ضبط ولا علامة وقف ولا علامة ابتداء، ولا رقم آية ولا رقم سورة، ولا إثبات علامة صلة ولا حذفها، ولا إثبات ألف خنجرية ولا حذفها.


الصفحة التالية
Icon