قوله :" منه آيات محكمات " قال مجاهد : الحلال والحرام " وأخر متشابهات" يصدق بعضها بعضاً، كقوله :" وما يضل به إلا الفاسقين " وكقوله :" ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون " وكقوله :"والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم" هكذا وقع فيه، وفيه تغيير وبتحريره يستقيم الكلام. وقد أخرجه عبد بن حميد بالإسناد الذي ذكرته قريباً إلى مجاهد، قال في قوله تعالى :" منه آيات محكمات " قال : ما فيه من الحلال والحرام، وما سوى ذلك منه مشابه يصدق بعضه بعضاً، وهو مثل قوله :" وما يضل به إلا الفاسقين " إلى آخر ما ذكره.
قوله :(" زيغ" شك " فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة " المشتبهات ) هو تفسير مجاهد أيضاً وصله عبد بن حميد بهذا الإسناد كذلك ولفظه "فأما الذين في قلوبهم زيغ" قال : شك " فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة " المشتبهات، الباب ضلوا منه وبه هلكوا.
قوله :( الراسخون في العلم " يعلمون "و" يقولون آمنا به " الآية ) وصله عبد بن حميد من الطريق المذكور عن مجاهد في قوله :( الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولن آمنا به ) ومن طريق قتادة قال :( قال الراسخون كما يسمعون آمنا به كل من عند ربنا المتشابه والمحكم، فآمنوا بمتشابه وعملوا بمحكمه فأصابوا ) وهذا الذي ذهب إليه مجاهد من تفسير الآية يقتضي أن تكون الواو في والراسخون عاطفة على معمول الاستثناء، وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون في العلم آمنا به ) فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة لكن أقل درجاتها أن يتكون خبراً بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه، ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه لوصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وصرح بوفق ذلك حديث الباب، ودلت الآية على مدح الذين فوضوا العلم إلى الله وسلموا إليه، كما مدح الله المؤمنين بالغيب. وحكى الفراء أن في قراءة أبي بن كعب مثل ذلك أعني ويقول الراسخون في العلم آمنا به.