وينبغي أن نلاحظ هنا أن جمع المصحف بأمر أبي بكر لا ينافي أن الصحابة كان لهم صحف أو مصاحف كتبوا فيها القرآن كله أو بعضه، لكنها لم تظفر بما ظفرت به الصحف التي أمر بجمعها أبو بكر - رضي الله عنه - من العناية والتحري، ولا يطعن في ذلك ما روي من أن علياً - رضي الله عنه - جمع القرآن قبل أن يبايع أبا بكر، بل إن علياً نفسه يقول: (أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله).
٦- نسخ القرآن في عهد عثمان
أسبابه(١):
اتسعت الفتوحات في زمن عثمان واستبحر العمران وتفرق المسلمون في الأمصار والأقطار ونبتت ناشئة جديدة كانت بحاجة إلى دراسة القرآن وطال عهد الناس بالرسول والوحي والتنزيل وكان أهل كل إقليم من أقاليم الإسلام يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة فأهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب وأهل الكوفة يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود وغيرهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء ووجوه القراءة بطريقة فتحت باب الشقاق والنزاع في قراءة القرآن أشبه بما كان بين الصحابة قبل أن يعلموا أن القرآن نزل على سبعة أحرف بل كان هذا الشقاق أشد لبعد عهد هؤلاء بالنبوة وعدم وجود الرسول بينهم يطمئنون إلى حكمه ويصدرون جميعا عن رأيه واستفحل الداء حتى كفر بعضهم بعضا وكادت تكون فتنة في الأرض وفساد كبير ولم يقف هذا الطغيان عند حد بل كاد يلفح بناره جميع البلاد الإسلامية حتى الحجاز والمدينة وأصاب الصغار والكبار على سواء.