٢- بيان حكم من الأحكام: كقوله سبحانه: ﴿ وإن كان رجل يورث كلالة أو أمرأة وله أخ أو أخت فلكل وحد منهما السدس ﴾ [النساء ١٢] قرأ سعد بن أبي وقاص (وله أخ أو أخت من أم) بزيادة لفظ (من أم) فتبين بها أن المراد بالإخوة في هذا الحكم الإخوة للأم دون الأشقاء ومن كانوا لأب وهذا أمر مجمع عليه. ومثل ذلك قوله سبحانه في كفارة اليمين: ﴿ فكفرته إطعام عشرة مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ﴾ [المائدة ٨٩ ] وجاء في قراءة (أو تحرير رقبة مؤمنة) بزيادة لفظ مؤمنة فتبين بها اشتراط الإيمان في الرقيق الذي يعتق كفارة يمين وهذا يؤيد مذهب الشافعي ومن نحا نحوه في وجوب توافر ذلك الشرط.
- ومنها الجمع بين حكمين مختلفين بمجموع القراءتين، كقوله تعالى: ﴿ فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ﴾ [البقرة ٢٢٢] قرىء بالتخفيف والتشديد في حرف الطاء من كلمة يطهرن ولا ريب أن صيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، أما قراءة التخفيف فلا تفيد هذه المبالغة ومجموع القراءتين يحكم بأمرين أحدهما أن الحائض لا يقربها زوجها حتى يحصل أصل الطهر وذلك بانقطاع الحيض، وثانيهما أنها لا يقربها زوجها أيضا إلا إن بالغت في الطهر وذلك بالاغتسال فلا بد من الطهرين كليهما في جواز قربان النساء وهو مذهب الشافعي ومن وافقه أيضا.
- ومنها الدلالة على حكمين شرعيين ولكن في حالين مختلفين: كقوله تعالى في بيان الوضوء ﴿ فأغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأمسحوا برءوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين ﴾ [المائدة ٦] قرىء بنصب لفظ (أرجلَِكم) وبجرها، فالنصب يفيد طلب غسلها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ (وجوهَكم) المنصوب وهو مغسول والجر يفيد طلب مسحها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ (رؤوسِكم) المجرور وهو ممسوح وقد بين الرسول أن المسح يكون للابس الخف وأن الغسل يجب على من لم يلبس الخف.