أَمَّا بَعدُ: فَهذهِ مُقدِّمَةٌ في التَّفسيرِ (١) تُعينُ على فهم القرآن العظيم (٢)

(١) أما بعد: كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى غيره، ويستحب الإتيان بها في الخطب، والمكاتبات، اقتداء به - ﷺ - وهي مبنية على الضم، لقطعها عن الإضافة مع نية المضاف إليه، أي: بعد ذكر الله والثناء عليه، والشهادتين، والصلاة على رسول الله - ﷺ - وآله وأصحابه وأتباعه، فهذه إشارة إلى ما تصور في الذهن، وأقيم مقام المكتوب الموجود مقدمة: وهي من الكتاب فصل، يعقد في أوله، ومن كل شيء أوله، أو ما يتوقف عليه الشيء توقفا عقليا، أو عاديا أو جعليا وهذه نبذة مختصرة في أول التفسير الذي هو الكشف والإيضاح والتبيين والتأويل للقرآن العظيم.
(٢) تعين: أي تساعد على فهم، أي تصور وإدراك معاني القرآن: اسم علم لكتاب الله، قيل سمي به الكتاب المقروء، وقيل لجمعه ثمرات الكتب السابقة، أو لجمعه أنواع العلوم، أو السور ووصف بالعظيم، والذكر الحكيم والصراط المستقيم وغير ذلك مما يدل على شرفه، ولا ريب: أن كل كلام، المقصود
منه فهم معانيه، لا مجرد ألفاظه، والقرآن أولى بذلك، وقد ندب تعالى إلى ذلك فقال: ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ وتدبره بدون فهم معانيه محال، والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم ولا يستشرحونه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟


الصفحة التالية
Icon