كالباءِ والتَّاءِ، كلامُ اللهِ غيرُ مَخلوقٍ (١) مِنهُ بدأ وإليه يعود (٢).

(١) أي: وكل حرف من القرآن، الذي هو لفظه، قبل أن ينزل به جبريل، وبعدما نزل به، كالباء والتاء، إلى آخر حروف الهجاء الثمانية والعشرين، كلام الله، غير مخلوق، ولم يقل أحد من السلف إنه مخلوق، وإنما قاله الجعد بن درهم، ورد السلف هذا القول، قال الشيخ: كما تواترت الآثار عنهم بذلك وصنف في ذلك مصنفات متعددة، قال: ومن قال إنه مخلوق، فقد خالف إجماع السلف، ومن قال إنه مخلوق، يقول: إنه خلق في بعض المخلوقات القائمة بنفسها، فمن ذلك المخلوق، نزل وبدأ لا من الله وإخباره تعالى إنه نزل من الله، يناقض أن يكون قد نزل من غير الله.
(٢) أي: هو تعالى الذي تكلم به، لم يبتدأ من غيره، ومنه نزل كما قال تعالى: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ﴾ وقال بعضهم: منه خرج قال الشيخ: وليس مقصود السلف، أنه منه خرج، ومنه بدأ أنه فارق ذاته، وحل في غيره، فإن الصفة لا تفارق الموصوف وتحل بغيره، وإنما قالوا ذلك: ردًا على المعتزلة والجهمية
الذين يقولون: بدأ من المخلوق الذي خلق فيه، وكيف يجوز أن يفارق ذات الله كلامه، أو غيره من صفاته، وإليه يعود، أي علمه فلا يبقى في المصاحف منه حرف، ولا في الصدور منه آية.
... قال عمرو بن دينار: أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة، وقال مرة: أدركت أصحاب النبي - ﷺ - فمن دونهم يقولون: القرآن كلام الله، منه بدأ وإليه يعود، وفي الأثر: «إن القرآن يسرى به، حتى لا يبقى في المصاحف منه حرف ولا في القلوب منه آية».


الصفحة التالية
Icon