ثُمَّ في الصُّحُفِ، في عَهدِ أَبي بَكرٍ (١).

(١) أي: ثم بعد وفاة النبي - ﷺ - جمع القرآن العظيم في الصحف، في عهد أبي بكر رضي الله عنه؛ ففي الصحيح: أن زيد بن ثابت، قال: أرسل إليَّ أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر في اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا، لم يفعله رسول الله - ﷺ -؟ قال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني، حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي، لرسول الله - ﷺ - فتتبع القرآن، اجمعه فوالله: لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما أمرني به، من جمع القرآن قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله - ﷺ -؟ قال: هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري، للذي شرح له صدر أبي بكر، وعمر فتتبعت القرآن أجمعه من العسب، واللخاف، وصدور الرجال قال: فكانت الصحف، عند أبي بكر، حتى توفاه الله
ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، وجاء نحوه من غير وجه، وقال علي: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله، وكان زيد بن ثابت: لا يكتب آية، إلا بشاهدي عدل مع وجدانه مكتوبا وحفظه له، مبالغة في الاحتياط.
... وقال البغوي: يقال: إن زيد بن ثابت، شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ، وما بقي وكتبها لرسول الله - ﷺ - وقرأها عليه وكان يقرئ الناس بها، حتى مات ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر لجمعه، وولاه عثمان كتب المصاحف، ووقعت الثقة لكونهم يبدون عن تأليف معجز، ونظم معروف، قد شاهدوا تلاوته من النبي - ﷺ - عشرين سنة، ولا ريب أنهم كتبوا ما تحققوا أنه قرآن مستقر في العرضة الأخيرة، وكذا قال غير واحد: القراءة التي عرضت على النبي - ﷺ - في العام الذي قبض فيه، هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم.


الصفحة التالية
Icon