ج- وذهب صاحب المنار إلى أن معنى الهمين واحد فهى همت به أن تضربه بعد أن رفض الإذعان لهواها مع أنه فى نظرها عبدها وهى سيدته، وهو هم بذلك أيضاً.(١) ولعل ذلك أرجح الآراء فى تفسير الآية، ولقد ذكرت فى كتابى عن الإسرائيليات المشار إليه آنفاً ذكرت مسوغات هذا الترجيح ومنها:
١- أن هذا الرأى موافق لترتيب الآيات القرآنية كما جاءت فى سورة يوسف إذ الهم بالفاحشة لا يكون بعد المراودة بل هو مرحلة سابقة على المراودة، فإذا ذكر القرآن المراودة قبل الهم، فقد دل على أن الهم هنا من نوع آخر غير الهم بالفاحشة، وتفسير الهم بالضرب والبطش مقنع.
٢- ومن ذلك أيضاً أن فى هذا التفسير اتحاداً لمعنى الفعلين (همت) و (هم) وهو الذى ينبغى أن يكون لمجيئهما فى سياق واحد ……. الخ ا. هـ ملخصاً(٢)
(٣) - قال تعالى:
((ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلاً. يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلاناً خليلاً. لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولاً))(٣)
وشاهدنا هو قوله سبحانه :((لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى) حيث وقف الجمهور عليه وقفاً تاماً(٤) ؛ لأن كلام الظالم قد انتهى عند هذا الحد. ثم جاء بعد ذلك قوله سبحانه: ((وكان الشيطان للإنسان خذولاً)) تقريراً وبياناً لما قبله. والمراد بالظالم عقبة ابن أبى معيط كما سيأتى بيانه، وقال بعضهم: إن هذا القول (وكان الشيطان ……. ) الخ هو من تتمة كلام الظالم وعليه فالوقف على (خذولاً) وليس على (إذ جاءنى)
(٢) أنظر: الإسرائيليات فى التفسير - د./ أحمد سعد الخطيب - ص ١٢٣.
(٣) سورة الفرقان : ٢٧ - ٢٩.
(٤) تنبيه الغافلين : ١٣١.