واذكر أيضاً حين اتخذ متبعو إبراهيم مقامه مصلى - كما ذكر ابن عطية.(١) أو حين اتخذ أصحابك مقام إبراهيم مصلى امتثالاً لأمر الله الثابت بالقراءة الأخرى (واتخِذوا ) أو حين اتخذ الناس كما قال مكى.(٢)
وقيل: لا حاجة إلى إضمار "إذ" بل هو معطوف على "جعلنا" على أنهما جملة واحدة.(٣) ولذلك لم يكن الوقف على (أمناً) تاماً على هذه القراءة لأنه مرتبط فى المعنى بما بعده على كلا التقديرين.
وأما بالنسبة للقراءة الأخرى (واتخذوا) بالأمر وهى قراءة الجمهور، فإنه كلام مستأنف جديد لا علاقة له، بما قبله كما قال أبو البقاء.(٤)
ولذلك فإن الوقف على (أمنا) وقف تام، لعدم ارتباطه لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى بما بعده. والتفسير بناءً على هذه القراءة الثانية مختلف فيه: حيث قيل: إن المأمور بذلك إبراهيم عليه السلام ومتبعوه، وقيل: هو محمد ﷺ وأتباعه وهو الأرجح لحديث عمر رضى الله عنه: "وافقت ربى فى ثلاث" وفيه "وقلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت ((واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى))(٥)
قال ابن خالوية فى الحجة موجهاً القراءتين:
(٢) الكشف عن وجوه القراءات السبع - ١/٢٦٣.
(٣) أنظر: إتحاف فضلاء البشر - ص١٩٢، الدر المصون - ١/٣٦٤.
(٤) نقله صاحب الدر المصون - ١/٣٦٤، وجوز ابن حجر فى الفتح - ٨/١٨ أن يكون معطوفاً على ما تضمنه قوله "مثابة" كأنه قال: ثوبوا واتخذوا، أو معمولاً لمحذوف أى وقلنا اتخذوا ثم ذكر بعد ذلك احتمال الاستئنافية المذكور فى الأصل.
(٥) الدر المنثور - ١/٢٢٢، البخارى - كتاب التفسير - باب "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" بلفظ آخر، وأنظر: صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة -باب فضائل عمر - ٨/١٧٦ - ط دار الحديث.