هنا ناقش السمين الحلبى هذه القاعدة مناقشة علمية متأنية أنقل هنا أكثر ما قاله لتتم الفائدة، قال السمين: اختلف النحاة فى العطف على الضمير المجرور على ثلاثة مذاهب:
أحدهما: وهو مذهب الجمهور من البصريين: وجوب إعادة الجار إلا فى ضرورة.
الثانى: أنه يجوز ذلك فى السعة مطلقاً وهو مذهب الكوفيين وتبعهم أبو الحسن ويونس والشلوبيون.
والثالث: التفصيل، وهو إن أكد الضمير جاز العطف من غير إعادة الخافض نحو: "مررت بك نفسك وزيد" وإلا فلا يجوز إلا لضرورة. وهو قول الجَرْمى.
وبعد أن ذكر السمين هذه الآراء حول العطف على الضمير المجرور علق بعد ذلك بقوله:
والذى ينبغى أنه يجوز مطلقاً - للأسباب الآتية:
أ- كثرة السماع الوارد به. ب- ضعف دليل المانعين.
ج- اعتضاد ذلك القياس.
قال: أم السماع: ففى النثر كقولهم: "ما فيه غيره وفرسِه" بجر "فرسه" عطفاً على الهاء فى غيره. ومنه قوله تعالى: ((ومن لستم له برازقين))(١) و "من" عطف على "لكم" فى قوله تعالى فى الآية نفسها: ((لكم فيها معايش)).
ومنه قوله تعالى: ((وما يتلى عليكم))(٢) حيث عطف "ما" على "فيهن" أى على الضمير المجرور فيها، وهو يعنى قوله تعالى: ((قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم ……)) ثم قال: وفى النظم منه الكثير، ونقل شواهد عديدة اكتفى بذكر بعضها.
فمن ذلك قول القائل:
أكر على الكتيبة لا أبالى | أفيها كان حتفى أم سواها |
إذا أوقدوا ناراً لحرب عدوهم | فقد خاب من يصلى بها وسعيرها |
فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا | فاذهب فما بك والأيام من عجب |
وقد ذكر السمين من ذلك الكثير ثم قال:
(٢) سورة النساء: ١٢٧