وفى الإتحاف : أن الأصل ننجى حذفت إحدى النونين استثقالاً لتوالى المثلين.(١)
وقد اعترض على هذه القراءة أيضاً بأن الفعل "نجى" وهو ماض جاء ساكن الآخر والأصل أن يأتى مفتوحاً.
وأجيب عن ذلك بأن تسكين ياء الماضى جاء على لغة من يقول : بقى ورضى دون تحريك الياء استثقالاً لتحريك ياء قبلها كسرة، ومنه قول القائل:
خمر الشيب لمتى تخميرا
ليت شعرى إذا القيامة قامت | وحدا بى إلى القبور البعيرا |
حيث سكنت ياء دُعى استثقالاً لتحريكها وقبلها كسرة.
المثال الرابع:
قال تعالى: ((لِيُجزى قوماً بما كانوا يكسبون))(٢)
ببناء الفعل (يُجزى) للمفعول ونصب (قوماً) وهذه قراءة أبى جعفر وهو من الثلاثة تتمة العشرة، وقد مضى بنا قول الزرقانى فى التحقيق: إن العشر متواترات.
وقد عاب بعضهم هذه القراءة وقالوا: هى لحن ظاهر(٣) ووجهتهم أن نائب الفاعل فيها جاء منصوباً وحقه الرفع. وهؤلاء ظنوا أن (قوماً) هو نائب الفاعل، والواقع أنه محذوف وفى تقديره وجهان:
الأول: ليجزى الخير والشر قوما، ورجحه العكبرى(٤) والبيضاوى(٥)
الثانى: أن يكون القائم مقام الفاعل هو المصدر، والتقدير: ليجزى الجزاء قوما.
والجزاء هنا هو ما يجزى به، وهو فى الأصل مفعول ثان ليجزى، قال زاده: المفعول الثانى للأفعال التى تتعدى إلى اثنين يجوز إقامته مقام الفاعل فنقول: أعطى درهمُ زيداً، وجزى تتعدى إلى اثنين تقول جزيت فلاناً الخير، فإذا بنيته للمفعول أقمت أيها شئت مقام الفاعل.(٦)
(١) إتحاف فضلاء البشر - ص٣٩٤، وقال عن هذا الجواب هو أحسن الأجوبة.
(٢) سورة الجاثية : ١٤
(٣) نقله القرطبى - ص٥٩٨٢.
(٤) إملاء ما من به الرحمن بهامش حاشية الجمل - ٤/٣١٥.
(٥) حاشية زاده على البيضاوى - ٤/٣٢٣ ومعها تفسير البيضاوى.
(٦) المصدر السابق.
(٢) سورة الجاثية : ١٤
(٣) نقله القرطبى - ص٥٩٨٢.
(٤) إملاء ما من به الرحمن بهامش حاشية الجمل - ٤/٣١٥.
(٥) حاشية زاده على البيضاوى - ٤/٣٢٣ ومعها تفسير البيضاوى.
(٦) المصدر السابق.