والأرجح الأول، وهو الذى اعتمده سيبويه حيث قال فى كتابه: هذا باب ما ينتصب على التعظيم ومن ذلك "والمقيمين الصلاة" وأنشد شاهداً.
وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم
الطاعنين ولما يطعنوا أحداً | إلا نميراً أطاعت أمر غاويها |
الآية الثالثة:
قال تعالى: ((إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً …………))(١)
الشاهد قوله ( والصابئون ) حيث رفع فى مقام نصب لعطفه على اسم "إن" وهذا خطأ فى النحو عند من لم يفقهوا إلا أنه معطوف على اسم "إن" فكان ينبغى أن يأتى منصوباً ليواكب ما عطف عليه.
ونقول: اللفظ لا لحن فيه كما ادعوا، ولكنهم عجزوا عن توجيه الرفع، وتوجيهه سهل إذ له عدة أوجه هى:
١- أن يكون قوله ( الصابئون ) مرفوعاً بالابتداء، والواو قبله للاستئناف، والخبر محذوفاً، والنية به التأخير عما فى حيّز (إن) من اسمها وخبرها.
كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكهم كذا والصابئون كذلك. وقد رجح ذلك سيبويه وأنشد له شاهداً:
ألا فاعلموا أنا وأنتم | بغاة ما بقينا على شقاق |
وإذا كان (الصابئون ) النية به التأخير، فلابد من حكمة تعلل تقديمه فى الذكر، والعلة هنا التنبيه إلى أن الصابئين أشد إيغالاً فى الضلالة، وعمقاً فى الغواية، حيث لا عقيدة لهم ثابتة كالذين آمنوا وكأهل الكتاب، ولكنهم - كما يذكر ابن القيم - يتخيرون من سائر ديانات العالم بعض شعائرها، ويتركون البعض ولم يقيدوا أنفسهم بجملة دين معين وتفصيله.(٢)
وهذا الوجه أقوى الوجوه، وأرجح ما تحمل عليه الآية الشريفة.
٢- وقيل: إن الواو عاطفة والصابئون معطوف على موضع اسم (إن) لأنه قبل دخول (إن) كان فى موضع رفع وهذا مذهب الكسائى والفراء.
(١) سورة المائدة : ٦٩
(٢) إغاثة اللهفان لابن القيم - ٢/١٩٨.
(٢) إغاثة اللهفان لابن القيم - ٢/١٩٨.