" ثم إن القراء فى الأمصار تتبعوا ما روى لهم من اختلافات لا سيما فيما وافق خط المصحف فقرأوا بذلك حسب اجتهاداتهم"(١) ولقد أشكلت واشتبهت على عبارة "تتبعوا ما روى لهم ……. " حيث تشعر بأنه يعتبر جانب النقل فى القراءات رغم أنه صرح فى نهاية العبارة بالاجتهادية، لكنى تأكدت بعد ذلك بالرجوع إلى التفسير نفسه فوجدته يسوق أقوال المعترضين على هذه القراءات ولا يرد عليهم، بل إنه رد قراءة حمزة (والأرحامِ) صراحة(٢) وقراءة ابن عامر المشار إليها قريباً، حيث قال بعد أن تعرض لذكرها: وهذه قراءة ضعيفة فى استعمال العرب.(٣) وقال عن قراءة حمزة والكسائى (منِسكاً) بكسر السين (الحج: ٣٤) قال: قال أبو على: الفتح أولى ……. ثم قال: ويشبه أن الكسائى سمعه من العرب(٤)، قال السمين الحلبى معقباً: هذا الكلام منه غير مرض كيف يقول ويشبه أن يكون الكسائى سمعه، والكسائى يقول: قرأت به فكيف يحتاج إلى سماع مع تمسكه بأقوى السماعات وهو روايته لذلك قرآناً متواتراً ٠٠ ثم أخذ يرد على كلامه من جهة الصناعة.(٥)
القاعدة الحاسمة فى ذلك
نص القاعدة:
"القراءة سنة متبعة فإذا ثبتت فلا يجوز ردها ولا يحل إنكارها"
توضيح القاعدة:
قولنا القراءة سنة متبعة يعنى معتمدها النقل الثابت الموصول إلى رسول الله - ﷺ - وبعض العلماء يكتفى فى ذلك بصحة السند مع موافقة اللغة العربية ولو بوجه وموافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وبعضهم لا يكتفى بذلك بل يشترط التواتر، وقد مر فى ثنايا هذا البحث مناقشة ذلك.

(١) أنظر: المحرر الوجيز - ١/٤٨.
(٢) المحرر الوجيز - ٢/٥.
(٣) المحرر الوجيز - ٢/٣٥٠، وأنظره أيضاً فى ٤/٩٧.
(٤) المحرر الوجيز- ٤/١٢١.
(٥) الدر المصون - ٥/١٤٨.


الصفحة التالية
Icon