والمراد بالأصول الأحكام الكلية المطردة الجارية فى كل ما تحقق فيه شرط ذلك الحكم كالمد والقصر والإظهار والإدغام والإقلاب وغيرها، والمراد بالفرش ما يذكر فى السورة من كيفية قراءة كل كلمة قرآنية مختلف فيها بين القراء مع عزو كل قراءة إلى صاحبها، ويسمى فرش الحروف وسماه بعضهم بالفروع مقابلة للأصول وذلك كاختلافهم فى قراءة " يخدعون، ننسخ، ننشزها، فتبينوا" وهذا هو الذى يؤثر فى المعنى دون الأول.
السبب الداعى للاقتصار على القراء المشهورين
قال الدمياطى فى الإتحاف فى ذلك كلاماً نفيساً أنقله بنصه، قال:
ليعلم أن السبب الداعى إلى أخذ القراءة عن القراء المشهورين دون غيرهم، أنه لما كثر الاختلاف فيما يحتمله رسم المصاحف العثمانية التى وجه بها عثمان - رضى الله عنه - إلى الأمصار، وحبس بالمدينة واحداً وأمسك لنفسه واحداً الذى يقال له: الإمام، فصار أهل الأهواء والبدع يقرأون بما لا يحل تلاوته وفاقاً لبدعتهم، أجمع رأى المسلمين أن يتفقوا على قراءات أئمة ثقات تجردوا للاعتناء بشأن القرآن العظيم، فاختاروا من كل مصر وجه إليه مصحف - اختاروا - أئمة مشهورين بالثقة والأمانة فى النقل وحسن الدراية وكمال العلم أفنوا عمرهم فى القراءة والإقراء، واشتهر أمرهم، وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم ولم تخرج قراءتهم عن خط وصحفهم.
ثم إن القراء الموصوفين بما ذكر بعد ذلك تفرقوا فى البلاد وخلفهم الأئمة لذلك ميزاناً يرجع إليه وهو السند والرسم والعربية ٠٠٠٠٠ (١)
يقصد بذلك الضوابط الثلاثة الموضوعة لقبول القراءة والمذكورة فى هذا البحث فى مواضع متعددة. ومن خلال هذا النقل النفيس عن الدمياطى نتيقن من أن انحصار أخذ القراءة عن هؤلاء الأئمة المشهورين لا يعنى بحال من الأحوال ألا يكون أحد عليماً بالقراءات سواهم.
ثانياً : القراء الأربعة تتمة الأربعة عشر

(١) إتحاف فضلاء البشر - ص ٧، ٨.


الصفحة التالية
Icon