الأصل الثانى - ما كان من الأقوال مخالفاً لمقطوع به فى الشريعة. فهذا لا نعتيره رأياً أصلاً فضلاً عن أن نعتد به فى الخلاف فلا نستطيع مثلاُ أن نعتبر رأى من ينكر البعث مخالفاً لرأى من يؤمن به ويعتقده، ولا رأى من ينكر الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج مخالفاً لرأى من يعتقدها ويقوم بأدائها ويظهر هذا النوع فى تفسير أصحاب المذاهب المنحرفة الذين جرفهم التيار بعيداً عن شاطىء أهل الحق، فهذا رجل يتلاعب بالحدود الشرعية ويفسر آياتها حسب هواه (١)، وهذا أخر ينكر معجزات الأنبياء ويتأول الآيات الدالة عليها على غير تأويلها، وينكر وجود الجن والملائكة وينكر الحدود الشرعية ويفسر الآيات الدالة عليه حسب هواه (٢) فهل يكون هذان وأمثالهما كثير فى الماضى والحاضر ممن يعتبر رأيهم فى تفسير القرآن الكريم ؟ كلا وألف كلا
والعجيب أن هذا الأخير قد اختار لتفسيره عنوناً هو وكتابه أبعد ما يكونان منه فقد أسماه "الهداية والعرفان فى تفسير القرآن بالقرآن"
عرض هذا الكتاب على لجنة من علماء الأزهر، فندت آراءه وجاء فى الحكم على مؤلفه أنه "أفاك خراص، اشتهى أن يعرف فلم ير وسيلة أهون عليه وأوفى بغرضه من الإلحاد فى الدين بتحريف كلام الله عن مواضعه، ليستفز الكثير من الناس إلى الحديث فى شأنه وترديد سيرته" (٣)
ولن نستطرد فى الحديث عن أصحاب هذه الاتجاهات المنحرفة فى تفسير القرآن الكريم أكثر من هذا، فشأنهم أحقر من أن نعنى بكلامهم، أو نهتم بأفكارهم ويكفى أن نعرف أنه لا اعتداد بخلافهم.
ونعود إلى الأصل الأول - وهو ما ظاهره الخلاف من أقوال المفسرين وهو فى الحقيقة ليس كذلك.
ولهذه صور عديدة منها:
الصورة الأولى-

(١) نفس المرجع ٢/٥٠٩ وما يعادلها
(٢) نفس المرجع ٢/٥٠٩ وما بعدها
(٣) التفسير والمفسرون ٢/٥٠٩


الصفحة التالية
Icon