وبذلك وضح وجه ارتباط هذا المبحث بالإطار العام الذى قصدنا الحديث عنه فى هذا المبحث.
تعريف الوقف والابتداء:
الوقف: هو قطع النطق عن آخر الكلمة.
والابتداء: هو الشروع فى الكلام بعد قطع أو وقف. (١)
علاقة الوقف والابتداء بالمعنى أو التفسير:
قال الصفاقسى مبيناً أهمية معرفة الوقف والابتداء:
ومعرفة الوقف والابتداء متأكد غاية التأكيد، إذ لا يتبين معنى كلام الله، ويتم على أكمل وجه إلا بذلك، فربما قارئ يقرأ ويقف قبل تمام المعنى، فلا يفهم هو ما يقرأ ومن يسمعه كذلك، ويفوت بسبب ذلك ما لأجله يقرأ كتاب الله تعالى، ولا يظهر مع ذلك وجه الإعجاز، بل ربما يُفهم من ذلك غير المعنى المراد، وهذا فساد عظيم، ولهذا اعتنى بعلمه وتعليمه، والعمل به المتقدمون والمتأخرون، وألفوا فيه من الدواوين (٢) المطولة والمتوسطة والمختصرة، ما لا يعد كثرة، ومن لا يلتفت لهذا، ويقف أين شاء، فقد خرق الإجماع، وحاد عن إتقان القراءة وتمام التجويد. (٣)
وهذا الكلام من عالم صرف حياته لخدمة القرآن كالصفاقسى، له وجاهته، وهو يؤكد ما قلته آنفاً عن ارتباط الوقف والابتداء بالتفسير.
وقال السخاوى فى تأكيد ذلك أيضاً:
فى معرفة الوقف والابتداء الذى دونه العلماء تبيين معانى القرآن العظيم، وتعريف مقاصده، وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص على درره وفرائده ٠٠ وقد اختار العلماء، وأئمة القراء تبيين معانى كلام الله تعالى وجعلوا الوقف منبهاً على المعنى ومفصلاً بعضه عن بعض، وبذلك تلذ التلاوة، ويحصل الفهم والدراية، ويتضح منهاج الهداية. (٤)
من الآثار الدالة على وجوب معرفة الوقف والابتداء:

(١) تنبيه الغافلين للصفاقسى - ص ١٢٨.
(٢) أفرده بالتصنيف جماعة من العلماء منهم أبو جعفر النحاس وابن الأنبارى والزجاجى والدانى والعمانى والسجاوندى وغيرهم.
(٣) تنبيه الغافلين - ص١٢٨.
(٤) جمال القراء - ٢/٥٥٣ والتى بعدها.


الصفحة التالية
Icon