وما ترك من القراءات له أصل في الشرع، وإلا كانت الأمة آثمة بعدم أدائه، وهذا الأصل هو قول الرسول ﷺ في حديث الأحرف السبعة :" فاقرؤوا ما تيسر منه " (١)[٣٨])، حيث دلّ الحديث على أن نقل جميع حروف القراءات ليس نقل فرض وإيجاب، وإنما كان أمر إباحة وترخيص(٢)[٣٩])، وبذلك يظهر وجه علّة الأوجه والروايات التي كان يقرأ بها في الأمصار عن الأئمة السبعة أو العشرة ثم اندثرت، مثال ذلك قول الحافظ أبي العلاء (ت ٥٦٩ هـ ) في مقدمة غايته :" فإن هذه تذكرة في اختلاف القراء العشرة الذين اقتدى الناس بقراءتهم، وتمسكوا فيها بمذاهبهم من أهل الحجاز والشام والعراق "(٣)[٤٠])، ثم ذكر بعد ذلك رواتهم ومنهم شجاع ابن أبي نصر ( ١٩٠ هـ ) وأبو زيد الأنصاري ( ت ٢١٥ هـ ) عن أبي عمرو البصري ( ت ١٥٤ هـ )، وقتيبة ابن مِهْران ( ت بعد ٢٠٠ هـ ) عن الكسائي (ت١٨٩ هـ ) وغيرهم، في حين أن روايات هؤلاء وأمثالهم لا يقرأ بها الآن(٤)[٤١]).

(١) ٣٨])أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، " باب أنزل القرآن على سبعة أحرف " صـ ٨٩٥، رقم الحديث ٤٩٩٢، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، " باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف " صـ ٣٢٩، رقم الحديث[ ١٨٩٩].
(٢) ٣٩] )انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري ١/٢٨ ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٣/٣٩٦.
(٣) ٤٠] )غاية الاختصار في القراءات العشر للحافظ أبي العلاء ١/٣.
(٤) ٤١] )وانظر نحو هذا المثال في مفردة نافع للداني صـ ٦، وقلما تخلوا كتب القراءات في مقدماتها من هذا القبيل.


الصفحة التالية
Icon