والمقصود بالسند: ثبوت الوجه من القراءة بالنقل الصحيح عن الثقات(١)[٤٣])، وهو غير معدود عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم(٢)[٤٤])، وقد اختلفت تعبيرات العلماء في ذلك اختلافا يوهم التناقض، فمنهم من نص على الآحاد(٣)[٤٥])، ومنهم من قيده بالشهرة والاستفاضة(٤)[٤٦])، ومنهم من صرح بالتواتر وهم الأكثرون(٥)[٤٧])، وقد استبان بعد النظر في أقوالهم أن الخلاف صوري، فمن نظر إلى أسانيد القراء من جهة نظرية على ما هو مذكور في أسانيد مصنفاتهم وجد كثيرا من أوجه الاختلاف تشتمل على أسانيد آحادية أو مشهورة، ومن نظر إليها من جهة الوقوع عدها متواترة وأجاب بأن انحصار الأسانيد ـ ولو كانت آحادية ـ في طائفة معينة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم إذ مع كل واحد منهم في طبقته ما يبلغها حد التواتر، لأن القرآن قد تلقاه من أهل كل بلد الجم الغفير طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل، ولو انفرد أحد بوجه دون أهل تلك البلد لم يوافقه على ذلك أحد(٦)[٤٨]) "، ومما يدل على هذا ما قاله ابن مجاهد : قال لي قُنبل : قال لي القوّاس : ـ في سنة سبع وثلاثين ومائتين ـ الق هذا الرجل ـ يعني البَزِّي ـ فقل له : هذا الحرف ليس من قراءتنا، يعني ﴿ وما هو بميت ﴾ (٧)[
(٢) ٤٤] ) انظر لطائف الإشارات لفنون القراءات ١/٦٨.
(٣) ٤٥] ) انظر إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني صـ ٣٠.
(٤) ٤٦] ) انظر التجبير في علم التفسير للسيوطي صـ ١٤١.
(٥) ٤٧] ) انظر القول الجاذّ لمن قرأ بالشاذّ صـ ٥٧.
(٦) ٤٨] ) انظر لطائف الإرشادات ١/٧٨ وإتحاف فضلاء البشر ١/٧٢.
(٧) ٤٩] ) سورة إبراهيم، الآية ١٧..