وجمهور العلماء على جواز الاختيار بين تلك القراءات، واختياراتهم في ذلك مشهورة، " وأكثر اختياراتهم إنما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أشياء : قوة وجهه في العربية وموافقته للمصحف واجتماع العامّة عليه "(١)[٥٦])، إلا أنه ينبغي التنبيه على شيء، وهو أنه قد تُرجّح إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحاً يؤدي إلى إسقاط القراءة الأخرى أو إنكارها، وهذا غير مرضي، لأن كلتيهما متواترة(٢)[٥٧]).
وأما تفضيل ما يعزى إلى القراء السبعة على ماعداهم من القراء العشرة في القراءات المتواترة فهو من حيث الشهرة فحسب، أما من حيث التواتر فالقراءات السبع والعشر سواء(٣)[٥٨]).
ثانيا ـ القراءة الشاذة :
وهي القراءة التي فقدت أحد الأركان الثلاثة لصحة القراءة، وقد لخص ابن الجزري ذلك بقوله :
وحيثما يختل ركن أثبتِ شذوذه لو أنه في السبعةِ(٤)[٥٩])
وقوله رحمه الله :" لو أنه في السبعة " يشير إلى أن الاعتماد في صحة أي وجه من وجوه القراءات على ما استجمع تلك الأوصاف، وليست العبرة بمن تنسب إليهم، فالقراء السبعة أو العشرة ـ مع شهرتهم ـ رُوي عنهم ما خرج عن أوصاف القراءة الصحيحة، وحينئذ ينبغي أن يحكم على ما كان كذلك بالشذوذ (٥)[٦٠])، ولذلك قال أبو العباس الكوَاشي ( ت ٦٨٠ هـ ) :"... فعلى هذا الأصل بني قبول القراءات عن سبعة كانوا أو سبعة آلاف، ومتى فقد شرط من هذه الثلاثة فهو شاذّ"(٦)[٦١]).
(٢) ٥٧] ) انظر البرهان في علوم القرآن ١/٣٣٩.
(٣) ٥٨] ) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٣/٣٩٣ ومنجد المقرئين ومرشد الطالبين صـ١٠٢.
(٤) ٥٩] ) طيبة النشر صـ ٣٢.
(٥) ٦٠] ) انظر الدراسة التطبيقية من هذا البحث، المثال (١).
(٦) ٦١] ) لطائف الإشارات لفنون القراءات ١/٦٧.