وأما المصادر التي تضمنت القراءات الشاذة فكمختصر شواذّ ابن خالويه (ت ٣٧٠ هـ) والمحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها لابن جني ( ت ٣٩٢ هـ ) والتقريب والبيان في معرفة شواذّ القرآن للصفراوي ( ت ٦٣٦ هـ ) وشواذ القرآن واختلاف المصاحف للكرماني، وغيرها، فهذه الكتب وأمثالها أصل مادتها القراءات الشاذة، فما حوته من القراءات حكم عليها بالشذوذ، إلا أن يكون الوجه من القراءة مستعملا في القراءات المتواتر(١)[٧٨])، فما كان كذلك فهو معدود في المتواتر، وإن نسب في تلك المصادر إلى غير القراء العشرة المشهورين، لأن العبرة باستيفاء الشروط وليس بمن تنسب إليهم القراءة، على أنها عند الاستقراء لا تخرج عن الأئمة العشرة كما سبق بيانه.
الحكم على القراءة من خلال دراستها
لقد حظيت حروف القرآن العظيم على اختلاف قراءاته بنقل العلماء، ولكن إن فات شيء فهو نزر يسير، وأما أكثره وجملته فمنقول محكي عنهم، فجزاهم الله عن حفظهم الحروف والسنة أفضل الجزاء وأكرمه(٢)[٧٩]).
وهذه الحروف منثورة في كتب القراءات المتخصصة وغيرها، أما كتب القراءات فقد سبق الحديث عنها آنفا، وأما الكتب الأخرى فلا شك أن ما اشتملت عليه مما خرج عن القراءات المتواترة أنه من الشاذّ.
وإذا تأصّل أنه لا تبنى الأحكام الفقهية والمعاني التفسيرية إلا على ما ثبت فلا جرم أن معرفة درجتها من الأهمية بمكان، وذلك أن الشذوذ في القراءات لا يقتضي الضعف، وإنما يمنع من القراءة بها فحسب.
وتقوم دراسة تلك القراءات على الاعتبار بأقوال أئمة القراء والعلماء في أسانيد الطرق والروايات ووجوه القراءات، وتشكل هذه الأقوال والنصوص مادة غنية تساعد الباحث على معرفة درجة القراءة، وينبغي عند الحاجة إلى الرجوع إليها أن يراعى ما يلي :
(٢) ٧٩] ) انظر التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ٨/ ٣١٤.